للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فهذا الاستثمار هو استثمار لصالح أهل الزكاة، فهو أشبه باستثمار أموال اليتامى ونحوهم، قالوا: ومما يدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع عنده إبل الصدقة ويسمِّنها، وهذا نوع استثمار؛ لأنها تتكاثر بالتوالد، هذه هي وجهة أصحاب هذا القول.

القول الثاني في المسألة: أنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة مطلقًا، وهذا القول هو الذي عليه أكثر العلماء، وأدلة هذا القول:

أولًا: أن الله -عَزَّ وجَلَّ- خص الزكاة بثمانية أصناف، ذكرهم في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ...}، إلى آخر الآية، وختم الآية بقوله: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (١)، وحينئذ يجب أن تصرف الزكاة في هذه المصارف الثمانية على الفور؛ لأن الأصل في الأمر الفورية، والزكاة عبادة والأصل في العبادات التوقيف.

ثانيًا: استدلوا بقول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٢)، قالوا: والمراد بذلك الزكاة، وهذا أمر والأمر مطلق يقتضي الفورية، وقوله: {يَوْمَ حَصَادِهِ} آتوا حقه يوم حصاده هذا يدل على وجوب إخراج الزكاة على الفور وعدم تأخيرها لأجل استثمارها، وهذه الآية نزلت في مكة، نزلت في الفترة المكية، لما كانت الزكاة واجبة من غير تحديد، فإن الزكاة في مكة فرضت في مكة لكن من غير تحديد، وإنما كان الإنسان يدفع شيئًا من ماله، ثم في المدينة بُيِّنَتْ أنصباؤها، والشاهد هو قوله: {يَوْمَ حَصَادِهِ}، فهذا فيه إشارة إلى أن الزكاة إنما تخرج يوم الحصاد، يعني وقت وجوبها على الفور.


(١) سورة التوبة: ٦٠.
(٢) سورة الأنعام: ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>