للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قراراته أيضًا بشأن موضُوعَي الاستفادة من أموال الزكاة لبناء المدارس والمستشفيات في البلاد الأوربية وتأسيس صندوق للزكاة فيها، قالوا: " ... وبعد النظر والاستماع إلى كلمات الأعضاء ومناقشاتهم قرر المجلس تأكيد ما ذهب إليه في الدورة الثامنة من دخول الدعوة إلى الله تعالى، وما يعين عليها ويدعم أعمالها، في مصرف: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وهو أحد المصارف الثمانية المنصوص عليها في كتاب الله تعالى (الآية ٦٠ من سورة التوبة) اعتمادًا على أن الجهاد في الإِسلام لا يقتصر على القتال بالسيف، بل يشمل الجهاد بالدعوة وتبليغ الرسالة، والصبر على مشاقِّها، وقد قال تعالى مخاطبًا رسوله - صلى الله عليه وسلم - في شأن القرآن: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} (١)، وجاء في الحديث الشريف: "جَاهِدُوا المُشْرِكينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأنفُسِكُمْ وَأَلسِنَتِكُمْ" (٢)، ويتأكد هذا المعنى في عصرنا الحاضر أكثر من أي وقت آخر، فالمسلمون يُغزَون فيه في عقر دارهم من الملل والنحل والفلسفات الباطلة، وبالفكر والثقافة لا بالسيف والمدفع، وبالمؤسسات التعليمية، والاجتماعية، لا بالمؤسسات العسكرية. (ولا يفلُّ الحديدَ إلَّا حديدٌ مثلُه)، فلا بد أن تقاوَم الدعوة إلى الطاغوت بالدعوة إلى الله، ويقاوم تعليم الباطل بتعليم الحق، والفكر المشحون بالكفر بالفكر المشحون بالإِسلام. كما قال أبو بكر الصديق لخالد -رضي الله عنه-: "حَارِبْهُمْ بِمِثْلِ مَا يُحَارِبُونَكَ بِهِ: السَّيفُ بِالسَّيفِ، وَالرُّمْحُ بِالرُّمْحِ ... ". وقد تنوعت وسائل الدعوة وأساليبها في عصرنا تنوعًا بالغًا، فلم تعد مقصورة على كلمة تقال، أو نشرة توزع، أو كتاب يؤلف -وإن كان هذا كله مهمًّا-, بل أصبح من أعظم وسائلها أثرًا وأشدها خطرًا المدرسةُ التي تصوغ عقول الناشئة وتصنع أذواقهم وميولهم، وتغرس فيها من الأفكار والقيم ما تريد، ومثل ذلك المستشفى


(١) سورة الفرقان: ٥٢.
(٢) رواه أحمد (١٢٢٤٦)، وأبو داود (٢٥٠٦)، والنسائيُّ (٣٠٩٦)، وابن حبان (٤٧٠٨)، والحاكم (٢٤٢٧)، وصححه، وصححه الألباني في المشكاة (٣٨٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>