للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أولًا: اختلاف مطالع الأهلة من الأمور التي علمت بالضرورة حسًا وعقلًا، ولم يختلف فيها أحد من العلماء، وإنما وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره.

ثانيًا: مسألة اعتبار اختلاف المطالع وعدم اعتباره من المسائل النظرية التي للاجتهاد فيها مجال، والاختلاف فيها واقع ممّن لهم الشأن في العلم والدين وهو من الخلاف السائغ الذي يُؤْجَرُ فيه المصيب أجرين؛ أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ويؤجر فيه المخطئ أجر الاجتهاد.

وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: فمنهم من رأى اعتبار اختلاف المطالع، ومنهم من لم يَرَ اعتباره، واستدل كل فريق منهما بأدلة من الكتاب والسنة، وربما استدل الفريقان بالنص الواحد، كاشتراكهما في الاستدلال بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (١)، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صُومُوا لِرُؤيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤيته" (٢) الحديث. وذلك لاختلاف الفهم في النص وسلوك كل منهما طريقًا في الاستدلال به.

ونظرًا لاعتبارات رَأَتْها الهيئة وقدَّرتها، ونظرًا إلى أن الاختلاف في هذه المسألة ليست له آثار تخشى عواقبها، فقد مضى على ظهور هذا الدين أربعة عشر قرنًا، لا نعلم منها فترة جرى فيها توحيد الأمة الإِسلامية على رؤية واحدة، فإن أعضاء مجلس هيئة كبار العلماء يرون بقاء الأمر على ما كان عليه، وعدم إثارة هذا الموضوع، وأن يكون لكل دولة إسلامية حق اختيار ما تراه بواسطة علمائها من الرأيين المشار إليهما في المسألة؛ إذ لكل منهما أدلته ومستنداته.


(١) سورة البقرة: ١٨٩.
(٢) رواه البخاري (١٨١٠)، ومسلمٌ (١٠٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>