للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلزام بالتوثيق، وفق تنظيم معين.

ابتدأت كتابة العقود عند المسلمين عندما بدؤوا يؤخرون المهر أو شيئًا منه، وأصبحت هذه الوثائق التي يدون فيها مؤخر الصداق أحيانًا وثيقة لإثبات الزواج.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "لم يكن الصحابة يكتبون (صداقات) لأنهم لم يكونوا يتزوجون على مؤخر، بل يعجلون المهر، وإن أخّروه فهو معروف، فلما صار الناس يزوجون على المؤخر، والمدة تطول وينسى صاروا يكتبون المؤخر، وصار ذلك حجة في إثبات الصداق وفي أنها زوجة له" (١).

وفي العصر الحاضر ألزمت قوانين الأحوال الشخصية بتسجيل عقود الزواج.

ولتوثيق العقود عمومًا منافع كبيرة، وقد شرعه الله لمصلحة عباده حفظًا لحقوقهم، وقد وثّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكثير من معاملاته ومراسلاته، وأمر بالكتابة في الصلح مع المشركين، وتوالى التوثيق بالإشهاد والكتابة منذ عهده، وعهد من بعده - صلى الله عليه وسلم - استشعارًا منهم لأهميته.

أما عن توثيق عقد الزواج فقد دلت السنة على وجوب توثيقه بالشهادة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل"، وقد أخذ بهذا جمهور الفقهاء، أي أن النكاح لا ينعقد إلا بشاهدين، والعلة في وجود الإشهاد على الزواج واضحة في كونها تدل على إشهاره وإعلانه عن طريق النقل والتسامع بين الناس مما ينفي التهمة ويحفظ حقوق الزوجة والأولاد، ودفع احتمالات الإنكار. ومما سبق يظهر بجلاء أهمية التوثيق في الشريعة الإسلامية سواء منه ما كان بالشهود أو بالكتابة. وإذا كان التوثيق بالشهود سببًا لإشهار الزواج وإعلانه فإن توثيقه بالكتابة سبب أيضًا لإشهاره وإعلانه.


(١) مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>