للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يسمعون هذه الشتائم لأول مرة في المدرسة من زملائهم أو في الشارع.

ويجب أن يعلم أن العلماء قد بينوا أن سب الدين أو سب الرب أو سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - يُعد كفرًا مخرجًا من الملة وهو ردة عن دين الإِسلام إذا كان الساب يعلم ما يصدر عنه حتى لو كان مستهزئًا. يقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٥، ٦٦].

قال القاضي عياض -رحمه الله-: "لا خلاف أن سابَّ الله تعالى من المسلمين كافر حلال الدم" (١).

ونقل شيخ الإِسلام عن إسحق بن راهوية قوله: "أجمع المسلمون على أن من سب الله، أو سب رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أو دفع شيئًا مما أنزل الله -عَزَّ وجَلَّ-، أو قتل نبيًّا من أنبياء الله -عَزَّ وجَلَّ- أنه كافر بذلك، وإن كان مقرًّا بكل ما أنزل الله" (٢).

إذا تقرر أن سب الذات الإلهية وسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسب الدين كفر مخرج من الملة، فيجب الانتباه إلى الفرق بين كون الشيء كفرًا وتكفير الشخص الذي حصل منه ذلك بعينه، فلا نستطيع أن نحكم بكفر إنسان إذا صدر منه ما يقتضي كفره إلا بعد أن نتثبت من عدم وجود موانع التكفير وهي الخطأ والجهل والعجز والإكراه.

وخلاصة الأمر أن سب الدين والرب ردة في حق من ارتكبه عامدًا قاصدًا عالمًا به غير جاهل ولا مكره. وأما من لم يتحقق فيه ذلك فهو مرتكب لذنب عظيم وعليه التوبة بشروطها ولا يفسخ زواجه (٣).


(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (٢/ ٢٦٧).
(٢) الصارم المسلول على شاتم الرسول، (ص: ٩).
(٣) للمزيد من الحصول عن فقه هذه النازلة: يمكن الرجوع إلى كتاب إسلام أحد الزوجين ومدى تأثيره على عقد النكاح، عبد الله بن يوسف الجديع.

<<  <  ج: ص:  >  >>