للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أمكن من المصالح، مثل عزل مكان الرجال عن النساء، وتخصيص أبواب للفريقين، واستعمال وسائل الاتّصالات الحديثة لإيصال الصوت.

فاجتماع الرجال والنساء في مكان واحد، ومزاحمة بعضهم لبعض، وكشف النّساء على الرّجال، كلّ ذلك من الأمور المحرّمة في الشريعة؛ لأن ذلك من أسباب الفتنة وثوران الشهوات، ومن الدّواعي للوقوع في الفواحش والآثام، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٣].

وقد راعى النبي - صلى الله عليه وسلم - منع اختلاط الرّجال بالنساء حتى في أحبّ بقاع الأرض إلى الله وهي المساجد وذلك بفصل صفوف النّساء عن الرّجال، والمكث بعد السلام حتى ينصرف النساء، وتخصيص باب خاص في المسجد للنساء، عن أم سَلَمَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: "فَأُرَى -واللهُ أَعْلَمُ- أَنَّ مُكْثَهُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ القَوْمِ" (١). وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلهُا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلهُا" (٢).

وإذا كانت هذه الإجراءات قد اتّخذت في المسجد وهو مكان العبادة الطّاهر الذي يكون فيه النّساء والرّجال أبعد ما يكونون عن ثوران الشهوات، فاتّخاذها في غيره ولا شكَّ من باب أولى، ومعلوم ما في اختلاط الرجال بالنساء في وسائل المواصلات أو العمل أو الدراسة من مفاسد عظيمة لا تخفى. ولكن ما العمل إذا اضطر الإنسان لركوب وسيلة من وسائل المواصلات المختلطة؟


(١) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب صلاة النساء خلف الرجال (٨٧٠).
(٢) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها (٤٤٠) (١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>