للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: عليه أن يتقي الله تعالى ما استطاع، وأن يغض بصره عن الحرام، وأن يتجنب الجلوس بجوار النساء، مهما أمكنه ذلك، حتى ولو بالوقوف على قدميه، ابتغاء مرضات الله تعالى، وتجنبًا للفتنة التي حذر منها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "مَا ترَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ" (١)، وقد يتفادى الإنسان هذا الجلوس بتبديل مقعده، ونحو ذلك. فإذا اضطر الإنسان للركوب ولم يستطع تغيير المكان، ولا تغيير السيارة، ولا الوقوف على قدميه لكونه أشد زحامًا وملامسة للنساء، فلا حرج عليه حينئذ من الجلوس بجوار امرأة على أن يبتعد عنها بقدر المستطاع، وعليه بتقوى الله وغض البصر، وإذا خاف على نفسه الفتنة وبدأ الشيطان يوسوس له وأشغل فكره فالواجب عليه أن ينزل فورًا مهما ترتب على ذلك من تأخير؛ لأنه ليس هناك أغلى على المرء من دينه ليحافظ عليه (٢).

[الخلوة بأكثر من رجل]

اختلف الفقهاء، في خلوة رجل بأكثر من امرأة، وفي خلوة امرأة بأكثر من رجل: هل تدخل في دائرة الخلوة المحرمة شرعًا أوْ لا؟

نقول أولًا: لا يجوز للمرأة أن تخلو مع أجنبي عنها, ولا يجوز لها الركوب مع سائق ليس محرمًا لها وليس معهما غيرهما؛ لأن هذا في حكم الخلوة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ" (٣). وعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، فَإِن ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ" (٤).


(١) رواه البخاري، كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة (٥٠٩٦)، ومسلمٌ، كتاب الذكر والدعاء، باب أكثر أهل الجنة الفقراء ... وبيان الفتنة بالنساء (٢٧٤٠) (٩٤).
(٢) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (٢٦/ ٣٤١) فتوى رقم (٤٥٦٤).
(٣) رواه البخاري في الجهاد والسير، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة (٣٠٠٦)، ومسلمٌ في الحج، باب سفر المرأة مع المحرم إلى حج وغيره (١٣٤١) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٤) رواه أحمد (١/ ٢٦)، والترمذيُّ في الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة (٢١٦٥) عن عمر -رضي الله عنه-، وصححه ابن حبان (٤٥٥٧) ط. الأفكار الدولية، والألباني في الصحيحة (٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>