للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يجب التنبيه عليه أنه قد يكتب العقار باسمِ الزَّوج ويبقَى على ذلك، ولا يتمُّ التوثيق والإشهاد، فالزوجة قد تستحي مِن طلب ذلك مِن الزوج، والزوج عندَه طولُ الأمَل كغيرِه، فربَّما فجَأَه الموتُ، وصعُب على الزوجة إثباتُ حقِّها، ومثله حينما يقترض الزوجُ باسمِها ثم يموت قبلَ تمامِ سدادِ الأقساط، فتتحمَّل الزوجةُ سدادَ الدَّين، فلا بُدَّ مِن الإشهاد في القليل والكثيرِ؛ حفظًا للحقوقِ، فالمال مِن الضرورات التي أتتِ الشرائعُ كلّها بحفظه.

[الاستفادة من مال الأب المرابي]

ذكر أهل العلم قاعدة هامة مفيدة في حكم الاستفادة من الحرام، وهي: "ما حُرِّم لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط، وأما ما حرم لعينه فهو حرام على الكاسب وغيره".

فلو أن أحدًا أخذ مال شخص بعينه، وأراد أن يعطيه آخر لبيع أو هبة قلنا: هذا حرام؛ لأن هذا المال محرم بعينه.

أما الكسب الذي يكون محرمًا كالكسب عن طريق الربا أو عن طريق الغش -أو ما أشبه ذلك- فهذا حرام على الكاسب، وليس حرامًا على من أخذه بحق، ودليل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل من اليهود، ويجيب دعوتهم، ويأكل من طعامهم، ويشتري منهم، ومعلوم أن اليهود يتعاملون بالربا كما ذكر الله عنهم في القرآن. وبناء على هذه القاعدة ليس على أولاد المرابي إثم إذا أكلوا من ماله الربوي البحت، أو لبسوا منه، أو سافروا به إذا لم يوجد لهم طريق آخر يتكسبون منه، فلهم أخذ جميع ما يحتاجونه من مال أبيهم وهو حلال لهم وليس بحرام، وإنما الإثم على الأب.

لكن يجب على الأولاد نصح والدهم بالطريق التي يغلب على ظنهم نفعها، فإذا تيسرت طرق أخرى للكسب ولم يحتاجوا إلى هذا المال في ضروريات حياتهم: وجب عليهم الاستغناء عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>