للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: إذا كان ذلك بعد الأربعين وقبل مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل فالأمر فيه أهون، يمكن أن يسقط ويعمل إجهاض؛ لأنه الآن ليس إنسانًا، لم تنفخ فيه الروح، فمتى أثبت الأطباء بأن الجنين في هذه المرحلة مشوه تشويهًا خطيرًا، وغير قابل للعلاج، وأنه إذا بقي فستكون حياته سيئة وآلامًا عليه وعلى أهله، أو قالوا: إن بقاءه يكون سببًا لهلاك أمه، فحينئذٍ لا حرج أن نجهض هذا الحمل بناء على طلب الوالدين؛ وذلك لأن هذا الجنين في هذه المرحلة لم تنفخ فيه الروح، وليس بإنسان، إنما هو مضغة أو علقة فيجوز إسقاطه.

رابعًا: إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يومًا، فإنه لا يحل إسقاطه ولو كان التشخيص الطبي يفيد أنه مشوه الخلقة؛ وذلك لأنه قد نفخت فيه الروح، وأصبح إنسانًا فإسقاطه هو في الحقيقة قتلٌ لإنسان، ولكن إذا كان بقاؤه فيه خطر مؤكد على حياة الأم فهل يجوز إسقاطه في هذه الحال؟

اختلف العلماء المعاصرون في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: أنه لا يجوز إسقاطه ما دام أنه قد نفخت فيه الروح ولو كان فيه خطر محقق، ولو ماتت أمه ببقائه لا يحل إسقاطه بأي حال من الأحوال، حتى لو قرر الأطباء أنه إن لم يسقط ماتت أمه، فإنه لا يحل إسقاطه وهذا هو قول الشيخ محمَّد العثيمين (١) -رحمه الله- وغيره، وعللوا لذلك: بأنه لا يجوز لنا أن نقتل نفسًا لاستبقاء نفس أخرى، وإسقاطه بعد مائة وعشرين يومًا هو قتل لنفس.

القول الثاني: أنه إذا ثبت من الأطباء الموثوقين أن بقاء الجنين فيه خطر مؤكد على حياة الأم، وأنه سوف يتسبب في موتها لو بقي بعد استنفاذ كافة الوسائل لإنقاذ حياته، فإنه يجوز إسقاطه في هذه الحال، وقد أخذ بهذا القول مجلس هيئة كبار العلماء


(١) لقاءات الباب المفتوح، لقاء رقم (٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>