للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النازلة الثانية والأربعون: حكم شق بطن الأم الميتة لإخراج ولدها الحي]

اختلفت آراء الفقهاء في هذه النازلة والذي يترجح عندنا أنه متى رجي حياة الجنين في بطن الأم الميتة، وجب شرعًا شق جوفها لإخراجه.

فإذا علم أن الجنين حي بتحركه واضطرابه، وجب إخراجه بشق بطن الميتة لوجوب إحياء النفس، وحفظ الحياة الإنسانية، وفي عدم إخراجه هلاك له وقتل للنفس وهو محرم لا يجوز شرعًا. والقاعدة الشرعية في ذلك ارتكاب أخف الضررين وأهون الشرّين: فأحد الشرّين هو شق بطن الميتة وانتهاك حرمتها، والثاني هلاك الولد الحي، فوجب شرعًا شق بطن الأم الميتة لإخراج ولدها الحي الذي هو أهون من إهلاك ولدها الحي، كما أن انتهاك حرمتها هو أخف من جريمة قتل للنفس البريئة؛ ولأنه يشق بطن الأم الميتة (بالعمليات الجراحية) إذا خرج بعض الجنين حيًّا ولم يمكن خروج بقيته إلا بشق، فجاز الشق بالوسائل الطبية الحديثة (فإنه يشق بطنها طولًا)؛ فجاز ذلك لأنه إتلاف جزء من الميت لإبقاء الحي وهو أولى بالجواز شرعًا.

قال الشيخ أحمد محمَّد شاكر -رحمه الله-: "أما إخراج الولد الحي من بطن الحامل إذا ماتت فإنه واجب، وأما كيف يخرج فهذا من شأن أهل هذه الصناعة من الأطباء والقوابل" (١).


(١) المحلى لابن حزم، تحقيق الشيخ أحمد محمَّد شاكر (٥/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>