للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواز والإباحة، وأصل المنع، أخذًا للحيطة والحذر؛ لأن الاحتمال يبقى قائمًا ولو كان ضعيفًا، وكل يدرك خطورة الإصابة بمرض كالإيدز لا يوجد له علاج إلى الآن، والسلامة لا يعدلها شيء والله أعلم.

أما القسم الثاني وهو المباشرة في ما دون الفرج، فقد اختلف الفقهاء فيه على قولين:

القول الأول: أن المباشرة فيما دون الفرج أمر محرم، واستدلوا بقول الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥]، وهذه قاعدة عامة منع الله تعالى فيها الناس من إلقاء أنفسهم إلى الضرر والتهلكة.

وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من إيقاع الضرر على النفس أو الغير، في قوله: "لاَ ضَرَر وَلَا ضِرَارَ" (١). وهذا الأمر بلا شك من أعظم الضرر؛ لأنه يعود بمفسدة كبيرة على النفس.

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ بالأسباب دفعًا للضرر، فعندما جاء وقد ثقيف يبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان فيهم رجل مجذوم أرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ" (٢).

ومعلوم أن الأمراض المعدية وخاصة الإيدز يحتاج معها إلى الابتعاد عمن هو مصاب به، دفعًا للضرر الحاصل من الاختلاط به، وعلى ذلك فلا تجوز المعاشرة حتى ولو كانت فيما دون الفرج.

القول الثاني: أن المباشرة فيما دون الفرج جائزة، لكن مع استخدام كافة الاحتياطات، كالواقي الذكري أو العازل، حيث أجاز هؤلاء المعاشرة الزوجية


(١) سبق تخريجه (ص: ١٣٧).
(٢) رواه مسلم، كتاب السلام، باب اجتناب المجذوم ونحوه (٥٩٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>