للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أن تكون فترة الهدنة محددة بمدة معينة قدرها بعض الفقهاء ومنهم الشافعية وهو رواية عن أحمد بحدٍّ أقصى عشر سنين؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد عقد هدنة مع قريش في الحديبية مدتها عشر سنين، وأجازها بعضهم ومنهم الحنفية وهو رواية عن أحمد حتى لو زادت عن عشر سنين ما دام أن فيها حاجة ومصلحة راجحة للمسلمين، كما إذا كان في المسلمين ضعف وعدوهم أقوى منهم (١). قال الشيخ ابن باز: الصلح لا يقتضي تمليك اليهود لما تحت أيديهم تمليكًا مؤبدا، وإنما يقتضي ذلك تمليكهم تمليكًا مؤقتًا حتى تنتهي الهدنة المؤقتة أو يقوى المسلمون على إبعادهم عن ديار المسلمين بالقوة في الهدنة المطلقة (٢).

أما عقد الصلح الدائم معهم فلا يجوز؛ لأنه إقرار لهم على الظلم، وإضاعة لحق المسلمين في بلادهم ومقدساتهم، وإبطال للجهاد الذي شرعه الله لحماية دينه والدفاع عن الحقوق في البلاد وعلى مختلف الأزمان، وإذا كان المسلمون اليوم في ضعف وتفرق، فإنه سيجيء يوم -بحول الله- يكونون على حال من القوة والمنعة والاجتماع، يستطيعون فيها أخذ حقوقهم، واسترداد بلادهم ومقدساتهم، ونصر دين الله بنشره في المعمورة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧].

وعقد الصلح الدائم يغلق الباب أمام الأجيال القادمة، فلا ينالون حقوقهم واسترداد مقدساتهم وأراضيهم بما التزم به من سبقهم من اتفاقيات وعقود مع اليهود.


(١) توضيح الأحكام لابن بسام (٦/ ٤١٠).
(٢) مجموع فتاوى الشيخ (٨/ ٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>