للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلٌّ من المشي خلفها وأمامها ثابت من فعله - صلى الله عليه وسلم -، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة وخلفها" (١).

لكن أيهما أفضل. يسير خلفها أم أمامها؟ اختلف الفقهاء في ذلك؛ فالمالكية (٢) والشافعية (٣) والحنابلة (٤) على أن المشي أمامها أفضل؛ وذلك لما جاء عن أنس -رضي الله عنه- قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة" (٤).

وقال بعض الفقهاء: بل المشي خلفها أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "واتباع الجنازة" (٥).

والذي يظهر أن كل ذلك في الفضل سواء، فالأمر فيه سعة؛ وذلك لحصول الأمرين منه - صلى الله عليه وسلم -.

لكن هل المشي أفضل أم الركوب؟ الجواب: الركوب خلفها لا بأس به، لكن المشي أفضل؛ وذلك لأنه المعهود عنه - صلى الله عليه وسلم - ولم يَرِدْ أنه ركب معها، فعن ثوبان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بدابة وهو مع الجنازة، فأبى أن يركبها، فلما انصرف أُتِيَ بدابة فركب، فقيل له، فقال: "إن الملائكة كانت تمشي، فلم أكن لأركب وهم يمشون، فلما ذهبوا ركبت" (٦). فالركوب بعد الانصراف جائز بدون كراهة.

٣ - ذهب فقهاء الحنابلة (٧) إلى سنية التربيع في حمل الميت، والتربيع هو أن


(١) أخرجه الترمذيُّ في كتاب الجنائز، باب ما جاء في المشي أمام الجنازة، برقم (١٠١٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذيُّ (١/ ٢٩٦)، رقم (٨٠٧) بدون لفظ: "وخلفها"، ورواية: "وخلفها" في شرح معاني الآثار (١/ ٤٨١).
(٢) الشرح الصغير (٢/ ٥٥).
(٣) المجموع (٥/ ٢٣٩).
(٤) المغني (٣/ ٣٩٧).
(٥) أخرجه البخاريُّ في كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، برقم (١١٨٢).
(٦) أخرجه أبو داود في كتاب الجنازة، باب الركوب في الجنازة، برقم (٣١٧٧)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٦١٢) رقم (٢٧٢٠).
(٧) المغني (٣/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>