للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما لا يفسد به الصيام]

هناك أمور يفسد بها الصوم وقد سبق بيانها، وهناك أمور قد تحصل للإنسان هي في الحقيقة مفسدة لصومه، لكن لوجود عارض صرفت من الإفساد إلى عدمه، ومن هذه الأمور:

١ - الأكل والشرب ناسيًا:

ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (١) والشافعية (٢) والحنابلة (٣) إلى أن الأكل والشرب في حال النسيان لا يفسد الصوم فرضًا أو نفلًا؛ وذلك لما رواه البخاري ومسلمٌ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَليُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ" (٤). والحديث عام لم يخصص الفرض ولا النفل.

وذهب المالكية (٥) إلى أن هذا خاص بالنفل، أما الفرض فمن أكل أو نسي فعليه القضاء. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور؛ لعموم الأدلة.

قال ابن القيم (٦) -رحمه الله-: "وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسيًا، وأن الله -سبحانه وتعالى- هو الذي أطعمه وسقاه، فليس هذا الأكل والشرب يضاف إليه فيفطر به وإنما يفطر بما فعله، وهذا بمنزلة أكله وشربه في نومه؛ إذ لا تكليف بفعل النائم ولا بفعل الناسي".


(١) الهداية (٢/ ٢٥٤)، المبسوط (٣/ ٦٥).
(٢) روضة الطالبين (٢/ ٣٥٦).
(٣) المغني (٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨).
(٤) أخرجه البخاريُّ: كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا (١٧٩٧)، مسلم: كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (١٩٥٢).
(٥) القوانين الفقهية، (ص: ٨٣).
(٦) زاد المعاد (١/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>