للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب المالكية (١) والشافعية (٢) وهي إحدى الروايتين عند الحنابلة (٣) إلى عدم وجوب الإمساك على من قدم من سفره أثناء النهار، واحتجوا لذلك بما رواه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: "مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ" (٤)، والمعنى من أُحِلَّ له الأكل في أول النهار أحل له الأكل في آخره.

وعللوا لذلك أيضًا أنه جاز له الفطر في أول النهار ظاهرًا وباطنًا، فقد حل له في أول النهار الأكل والشرب وسائر ما يمكن من المفطرات، ولا يستفيد من هذا الإمساك شيئًا، وحرمة الزمن قد زالت بفطر مباح ولذا لا يجب عليه الإمساك.

وهذا القول هو الراجح، وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين (٥) -رحمه الله- قال: "فمتى قدم المسافر إلى بلده مفطرًا ووجد زوجته قد طهرت أثناء ذلك اليوم من الحيض وتطهرت، جاز له جماعها؛ لأنه أصبح مفطرًا وهي أصبحت مفطرة لكن زال عذرهما آخر النهار".

ثالثًا: الحمل والرضاعة:

ممّن يباح لهم الفطر في رمضان الحامل والمرضع؛ وذلك لأن الحمل والرضاعة فيهما مشقة على المرأة من أجل كونه حملًا ولا سيما في الأشهر الأخيرة عند المرأة، وأيضًا بالنسبة للمرأة المرضع، فالصوم يؤثر على الطفل من جهة نموه إذا لم يكن في جسمها غذاء، فربما يضعف الطفل ويتضرر لصومها، فمن رحمة الله تعالى أن أباح لهما الفطر.


(١) جواهر الإكليل (١/ ١٤٦)، حاشية الدسوقي (١/ ٥١٤ - ٥١٥).
(٢) روضة الطالبين (٢/ ٣٧١)، الوجيز (١/ ١٠٤).
(٣) المرجع السابق.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: كتاب الصيام، باب في الرجل يتسحر وهو عليه ليلًا (٢/ ٢٨٦) رقم (٩٠٤٤).
(٥) الشرح الممتع (٦/ ٣٣٥، ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>