للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: "وأجمعوا على أن الفدية واجبة على من حلق لأنه عذر وضرورة وأنه مخير فيما نص الله ورسوله عليه" (١).

الحالة الثالثة: أن يفعل المحظور جاهلًا أو ناسيًا أو مكرهًا فهذا ليس عليه شيء عند الشافعية والحنابلة لقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ويرى بعض الفقهاء من الحنفية والمالكية وراوية عن أحمد وغيرهم أن عليه الفدية لأنه هتك حرمة الإحرام (٢)، ولا فرق في ذلك بين العمد والخطأ والنسيان.

[الفدية المترتبة على ارتكاب محظورات الإحرام]

على من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام أن يفتدي عن عمله ذلك. ولا يفسد الحج بإتيان أي محظور منها إلا الجماع قال ابن المنذر: "وأجمعوا على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء من ذلك في حال الإحرام إلا الجماع" (٣).

١ - الفدية في إزالة الشعر والظفر والطيب والمباشرة لشهوة ولبس الذكر للمخيط وتغطية رأس الذكر ولبس القفازين لكل منهما والنقاب للمرأة.

يجب عليه في عمل شيء من ذلك عامدًا عالمًا ذاكرًا إذا كان محتاجًا له فدية: إما ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام وهي على التخيير باتفاق العلماء. لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] أما العامد غير المعذور فيرى الجمهور من المالكية والشافعية


(١) الإجماع لابن عبد البر (ص: ١٥٤).
(٢) حاشية ابن عابدين (٢/ ٥١٨)، وبداية المجتهد لابن رشد (١/ ٣٦٥)، ورضة الطالبين للنووي (ص: ٤٠٦)، والمغني لابن قدامة (٥/ ٣٩١)، وفقه العبادات لابن عثيمين (ص: ٣٠٧) والملخص الفقهي د. صالح الفوزان (ص: ٤١٨)، والموسوعة الفقهية الكويتية كلمة (إحرام).
(٣) الإجماع لابن المنذر (ص: ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>