للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة:

استدل الجمهور ومن يقول إن الحلق أو التقصير نسك في الحج أو العمرة بما يأتي:

أ- قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: ٢٧].

فالله تعالى وصفهم به ولو لم يكن من المناسك لما وصفهم به.

ب- ومن السنة حديث جابر -رضي الله عنه- قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا" (١) وأمره يقتضى الوجوب.

واستدل من قال إن الحلق أو التقصير ليس بنسك وإنما هو إطلاق من محظور كان محرمًا عليه بالإحرام:

أ- حديث أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بم أهللت؟ " قلت: لبيك بإهلال كإهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت "وأمرني فطفت بالبيت وبين الصفا والمروة" ثم قال لي: "أحل" (٢) وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالحل من العمرة قبل الحلق. ولأن ما كان محرمًا في الإحرام إذا أبيح كان إطلاقًا من محظور كسائر محرماته.

الراجح: نرى أن القول بأن الحلق أو التقصير نسك واجب هو الصحيح لما جاء في أدلة الجمهور ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترحم على المحلقين ثلاثًا وعلى المقصرين مرة ولو لم يكن من المناسك لما دخله التفضيل ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله وأصحابه فعلوه من بعده في جميع حجهم وعمرهم ولو لم يكن نسكًا لما داوموا عليه.


(١) أخرجه مسلمٌ (٢/ ٨٨٦).
(٢) أخرجه البخاريُّ (٢/ ٢١٢)، ومسلمٌ (٢/ ٨٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>