للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز تأجيل الصداق كله أو بعضه]

يجوز اتفاق الزوجين على تحديد جزء من الصداق معجلا وتحديد الجزء الآخر مؤجلا يكون دينا في ذمة الزوج، فإذا كان المؤجل معروف الأجل التزم الزوج ذلك بغير خلاف (١)، أما إن لم يتم تحديد أجله كأن اكتفيا بتحديد نصف الصداق معجلا والنصف الآخر مؤخرا مثلا ولم يحددوا أجله فقد اختلف الفقهاء في وقت استحقاق المطالبة بذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أن هذا المؤخر لا تستحق الزوجة المطالبة به إلا بموت أو فرقة وهو المفتى به عند الحنفية، والصحيح من مذهب الحنابلة وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية.

وحجة هذا القول أن الاتفاق وقع على تأجيل الصداق كله أو بعضه فوجب أن يكون مؤجلا عملًا بالشرط؛ لحديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أحق الشرط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج" (٢) متفق عليه، وحديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالًا أو أحل حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالًا أو أحل حراما" (٣)، ولأن العادة قد جرت على جعل بعض الصداق معجلا والبعض الآخر مؤجلا، كما جرت العادة على أن المؤجل لا تطالب به المرأة إلا بالموت أو الفراق (٤).


(١) بدائع الصنائع (٢/ ٢٨٨)، الشرح الصغير (٣/ ٢١٠)، الأم (٥/ ٩٥)، المهذب (٢/ ٥٦)، روضة الطالبين (٧/ ٢٥٩).
(٢) البخاري برقم (٢٥٧٢)، و (٤٨٢٥)، ومسلمٌ برقم (١٤١٨).
(٣) رواه الترمذيُّ [٣/ ٦٣٤ (١٣٥٢)]، وقال: "حسنٌ صحيحٌ"، وابن ماجه [٢/ ٧٨٨ (٢٣٥٣)].
(٤) مجموع الفتاوى (٣٢/ ١٩٦)، لسان الحكام (ص: ٢٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>