للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إجابة الدعوة إذا كان في الوليمة معصية]

لا يختلف الفقهاء أن الوليمة إذا دعي إليها الشخص وكان فيها منكر كالخمر والغناء والاختلاط والرقص ونحو ذلك فإن أمكنه الإنكار وإزالة المنكر لزمه الحضور والإنكار؛ لأنه يؤدي فرضين إجابة الدعوة وإزالة المنكر، وإن كان لا يقدر على إزالة هذا المنكر فلا يجوز له الحضور إلى الوليمة (١). وأما إن لم يعلم بالمنكر حتى حضر الوليمة فالواجب عليه إزالته إن كان قادرا على ذلك، فإن لم يقدر وجب عليه الخروج والانصراف، والدليل على ذلك كله ما رواه سفينة أبي عبد الرحمن: أن رجلا أضافه علي فصنع له طعامًا فقالت فاطمة: لو دعونا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكل معنا، فدعوه فجاء فوضع يده على عضادتي الباب فرأى قراما في ناحية البيت فرجع، فقالت فاطمة لعلي: الحقه فقل له ما أرجعك يا رسول الله؟ فقال: "إنه ليس لي أن أدخل بيتا مزوقا (٢) " (٣)، وحديث عمر قال: أيها الناس إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر" (٤)، وروي أن رجلا دعا عبد الله بن مسعود إلى وليمة فلما


(١) بدائع الصنائع (٥/ ١٢٧)، مواهب الجليل (٤/ ٤)، المهذب (٢/ ٦٤)، المغني مع الشرح الكبير (٨/ ١٠٨).
(٢) مزوقا أي مزينا، قيل: أصله من الزاووق وهو الزئبق؛ لأنه يطلى به مع الذهب ثم يدخَل النار فيهب الزئبق ويبقى الذهب. النهاية في غريب الحديث (٢/ ٣١٩).
(٣) رواه ابن أحمد (٥/ ٢٢٠، ٢٢١، ٢٢٢)، وابن ماجه برقم (٣٣٦٠)، وأبو داود برقم (٣٧٥٥)، والبزار برقم (٣٨٢٦)، والطبرانيُّ في الكبير [٧/ ٨٤ (٦٤٤٦)]، والحاكم [٢/ ٢٠٣ (٢٧٥٨)] وصححه، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٣٦٩)، والبيهقيُّ (٧/ ٢٦٧). قال المناوي في فيض القدير (٥/ ٣٨١): "ورمز المصنف لحسنه وفيه سعيد بن جهمان قال أبو حاتم لا يحتج به لكن رجحه الحاكم وصححه تركها الذهبي".
(٤) أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم (٦٧٤١)، قال الحافظ في الفتح (٩/ ٢٥٠): "وإسناده جيد، وأخرجه الترمذيُّ من وجه آخر فيه ضعف عن جابر وأبو داود من حديث ابن عمر بسند فيه انقطاع وأحمدُ من حديث عمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>