للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولين (١):

القول الأول: أن خدمة الزوجة لزوجها ليست واجبة عليها، ولكن الأولى لها خدمته بما جرت العادة به، وإليه ذهب جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وبعض المالكية. وحجتهم في ذلك أن المعقود عليه هو الاستمتاع بها فلا يلزمها ما سواه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} (٢).

القول الثاني: أن المرأة يجب عليها خدمة زوجها وإليه ذهب الحنفية وجمهور المالكية وبعض الحنابلة، على أن لهم شيء من التفصيل، فالحنفية يقولون بوجوب ذلك ديانة، وأنه لا يجوز لها أن تأخذ من زوجها أجرًا على خدمتها له؛ ويستدلون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم الأعمال بين علي وفاطمة -رضي الله عنهما-، فجعل عمل الداخل على فاطمة، وعمل الخارج على علي.

وجمهور المالكية يقيدون ذلك بخدمة المثل في الأعمال الباطنة التي جرت العادة بقيام الزوجة بمثلها كالعجن والكنس، والفرش، واستقاء الماء ونحو ذلك، واستدلوا بقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٣)، وقد جرى عرف المسلمين في بلدانهم على ذلك. ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر نساءه بخدمته ففي حديث الأضحية عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "يا عائشة هلمي المدية" ثم قال: "اشحذيها بحجر" ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه (٤) رواه مسلم، وفي حديث أهل الصفة أنه قال: "يا عائشة أطعمينا" فقربت


(١) المبسوط للسرخسي (١١/ ٣٣)، بدائع الصنائع (٤/ ١٩٢)، المنتقى للباجي (٤/ ١٣٠)، شرح الخرشي على خليل (٤/ ١٨٧)، حاشية الدسوقي (٢/ ٥١١)، المهذب للشيرازي (٢/ ٦٧)، قوانين الأحكام الشرعية (ص: ١٤٧)، المغني لابن قدامة (٨/ ١٣٠)، كشاف القناع (٥/ ١٩٥).
(٢) سورة النساء: ٣٤.
(٣) سورة البقرة: ٢٢٨.
(٤) مسلم برقم (١٩٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>