للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاز له ضربها ضربا غير مبرح كوسيلة أخيرة لإصلاحها وحملها على أداء ما يجب عليها من حقوق الزوجية. ودليل ذلك كله قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (١)، فالخوف في الآية بمعنى العلم قاله ابن عباس، وقيل بمعنى الظن لما يبدو من دلائل النشوز، والضرب في الآية هو ضرب الأدب غير المبرح وهو الذي لا يكسر عظما ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها فإن المقصود منه الصلاح لا غير، وأما ما يؤدي إلى الهلاك فيجب فيه الضمان (٢).

وقد نصت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية على هذه المراحل في فتواها رقم (٦٢٩٥) (٣).

أما إذا خافت المرأة نشوز زوجها أو إعراضه عنها لرغبته عنها إما لمرض بها أو كبر أو دمامة فلا بأس إذا رغبت أن تضع عنه بعض حقوقها تسترضيه بذلك لقول الله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (٤). وعن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت في هذه الآية: "هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ويتزوج عليها، تقول له: أمسكني ولا تطلقني ثم تزوج غيري فأنت في حل من النفقة علي والقسمة لي" (٥)، وروى أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن سودة بنت زمعة-رضي الله عنها- حين أسنت


(١) سورة النساء: ٣٤.
(٢) زاد المسير (٢/ ٧٥)، القرطبي (٥/ ١٧٢).
(٣) ١٩/ ٢٢٥.
(٤) سورة النساء: ١٢٨.
(٥) البخاري برقم (٤٩١٠)، ومسلمٌ برقم (٣٠٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>