للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه الترمذيُّ ووجه ذلك أن الخلع لو كان طلاقًا لما اقتصر رسول الله على أمرها بحيضة واحدة. ولأنها فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته فكانت فسخًا كسائر الفسوخ.

القول الثاني: أنه يكون طلاقًا وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية في الجديد، وقول للحنابلة (١).

واستدلوا بما روي عن ابن عباس وعلي وابن مسعود -رضي الله عنهم - أن الخلع تطليقة بائنة (٢)، ولأن الفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ فوجب أن يكون الخلع طلاقًا، ولأنه لو كان فسخًا لما جاز على غير الصداق كالإقالة؛ إذ الفسخ يوجب استرجاع البدل كما أن الإقالة لا تجوز بغير الثمن، ولأنه أتى بكناية الطلاق قاصدًا فراقها، فكان طلاقًا كغير الخلع من كنايات الطلاق.

وأصحاب هذا القول متفقون على أن الذي يقع به طلقة بائنة؛ لأن الزوج ملك البدل عليها فتصير هي بمقابلته أملك لنفسها، ولأن غرضها من التزام البدل أن تتخلص من الزوج ولا يحصل ذلك إلا بوقوع البينونة.


(١) المبسوط للسرخسي (٦/ ١٧١)، مختصر اختلاف العلماء للرازي (٢/ ٤٦٥)، تبيين الحقائق (٢/ ٢٦٨)، المدونة الكبرى (٢/ ٢٤١)، بداية المجتهد (٢/ ٥٢)، تفسير القرطبي (٣/ ١٤٣)، اختلاف العلماء للمروزي (ص: ١٥٩)، المغني (٨/ ١٨٠)، الإنصاف (٢٢/ ٢٩)، كشاف القناع (٥/ ٢١٦).
(٢) الرواية عن علي وابن مسعود أخرجها سعيد بن منصور (١/ ٣٣٩)، والرواية عن عثمان أخرجها ابن أبي شيبة (٥/ ١١٢)، وأخرج البيهقي الرواية عن عثمان في السنن الكبري (٧/ ٣١٦) ثم قال: "وقد روي فيه حديث مسند لم يثبت إسناده وروي فيه عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما-، قال ابن المنذر: وضعف أحمد يعني بن حنبل حديث عثمان، وحديث علي وابن مسعود -رضي الله عنهما- في إسنادهما مقال، وليس في الباب أصح من حديث ابن عباس يريد حديث طاوس عن بن عباس -رضي الله عنهما-".

<<  <  ج: ص:  >  >>