للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حاجية) لم تَنْتَهِ إِلَى حد الضَّرُورَة (شرع) إِلَى دونهَا (لَهَا) أَي للْحَاجة إِلَيْهَا (نَحْو البيع) لملك الْعين بعوض (وَالْإِجَارَة) لملك الْمَنْفَعَة كَذَلِك (والقراض) للمشتركين فِي الرِّبْح بِمَال من وَاحِد وَعمل من الآخر (وَالْمُسَاقَاة) كدفع الشّجر إِلَى من يعْمل فِيهِ بِجُزْء من ثَمَرَة (فَإِنَّهَا) أَي هَذِه المشروعات (لَو لم تشرع لم يلْزم فَوَات شَيْء من الضروريات) الْخمس (إِلَّا قَلِيلا كالاستئجار لإرضاع من لَا مُرْضِعَة لَهُ وتربيته وَشِرَاء المطعوم والملبوس للعجز عَن الِاسْتِقْلَال بالتسبب فِي وجودهَا) أَي الْمَذْكُورَات فاحتيج (إِلَى دفع حَاجته) أَي الْمُحْتَاج إِلَيْهَا (بهَا) أَي إِطْلَاق الحاجي هَذِه الْعُقُود، فَهَذِهِ المستثنيات من قبيل الضَّرُورِيّ لحفظ النَّفس لِأَن الْهَلَاك قد يحصل بِتَرْكِهَا (فالتسمية) أَي إِطْلَاق الحاجي على الْمَذْكُورَات (بِاعْتِبَار الْأَغْلَب) فَإِن أَكثر الشراآت والإجارات مُحْتَاج إِلَيْهِ، لَا ضَرُورِيّ (ومكملها) أَي مكمل الحاجية أَيْضا دون الضرورية بل هُوَ أولى بذلك (كوجوب رِعَايَة الْكَفَاءَة وَمهر الْمثل على الْوَلِيّ فِي) تَزْوِيج (الصَّغِيرَة) فَإِن أصل الْمَقْصُود من شرع النِّكَاح وَإِن كَانَ حَاصِلا بِدُونِهَا لَكِنَّهَا إفضاء إِلَى دَوَامه وإتمام مقاصده من الألفة وَغَيرهَا فَوَجَبَ رعايتها احْتِرَازًا عَن الاختلال (إِلَّا لدلَالَة عِنْد أبي حنيفَة وَحده على حُصُول الْمَقْصُود دونهَا) أَي دون رعايتها، اسْتثِْنَاء من وجوب رعايتها على مَذْهَب أبي حنيفَة وَحده من غير مُشَاركَة أَصْحَابه مَعَه: أَي وَجب رعايتها عِنْد الْكل فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِلَّا عِنْده إِذا دلّ الدَّلِيل على حُصُول الْمَقْصُود الَّذِي هُوَ مَبْنِيّ وجوب الرِّعَايَة بِدُونِ الرِّعَايَة وسيظهر لَك كَيْفيَّة الدّلَالَة (كتزويج أَبِيهَا) أَي الصَّغِيرَة أوجدها الصَّحِيح أبي أَبِيهَا (من عبد وبأقل) من مهر مثلهَا، وكل مِنْهَا غير مَعْرُوف بِسوء الِاخْتِيَار وَلَا بالمجانة وَالْفِسْق، فَإِن عِنْد ذَلِك لَا تتَحَقَّق الدّلَالَة على حُصُول الْمَقْصُود لعدم كَمَال الرَّأْي ووفورا لشفقة فَإِن الْأَب بِاعْتِبَار كَمَال قربه مَظَنَّة وفور الشَّفَقَة فَلَا يتْرك رعايتها إِلَّا لمصْلحَة تربو عَلَيْهَا. فاتضح كَيْفيَّة الدّلَالَة، بِخِلَاف غَيرهمَا من الْعصبَة لوفور الشَّفَقَة وَالأُم لنُقْصَان الرَّأْي (وَهَذَا) الْقسم الْمُشْتَمل على الحاجي ومكمله (الْمُنَاسب المصلحي، وَغير الحاجي) المصلحي (تحسيني) أَي من قبيل رِعَايَة أحسن المناهج فِي محَاسِن الْعَادَات (كَحُرْمَةِ القاذورات حثا على مَكَارِم الْأَخْلَاق والتزام الْمُرُوءَة) قَالَ تَعَالَى فِي وصف نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - {يحل لَهُم الطَّيِّبَات وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} - وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " بعثت لأتمم مَكَارِم الْأَخْلَاق " (وكسلب العَبْد) وَإِن كَانَ ذَا رَأْي يظنّ صدقه (أَهْلِيَّة الْولَايَة من الشَّهَادَة وَالْقَضَاء وَغَيرهمَا) كالإمامة الْكُبْرَى لانحطاط رتبته عَن الْحر لكَونه مستسخرا للْمَالِك مَشْغُولًا بخدمته فَلَا تلِيق بِهِ المناصب الشَّرِيفَة إِجْرَاء للنَّاس على مَا ألفوه من الْعَادَات المستحسنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>