للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسكر إِذا كَانَ) القَوْل الْمَذْكُور صادرا (من وَاجِب الِامْتِثَال) مَرْدُود (لما ذكرنَا) آنِفا من أَنهم لَا يَقُولُونَ بِثُبُوت حكم الْفَرْع من اللَّفْظ (وَالْفرق) بَين مَا نَص فِيهِ على علية علته، وَمَا ذكر من مَادَّة النَّقْض من قبل الْحَنَفِيَّة (بِأَن الْقيَاس حق الله تَعَالَى فَيَكْفِي فِيهِ) أَي فِي ثُبُوت حكمه (الظُّهُور) أَي كَون اللَّفْظ دَالا عَلَيْهِ بِظَاهِرِهِ من غير تَصْرِيح لمزيد الاهتمام بِشَأْنِهِ (وَالْعِتْق زَوَال حق آدَمِيّ فبالصريح) أَي فَيثبت بِالصَّرِيحِ لَا بالظهور، وَقَوله أعتقت إِلَى آخِره لَيْسَ بِصَرِيح (مَمْنُوع بِأَن الْعتْق كَذَلِك) أَي يَكْفِي فِيهِ الظُّهُور (لتشوفه) أَي لتطلع الشَّارِع وَكَمَال توجهه (إِلَيْهِ) أَي الْعتْق فَإِنَّهُ أحب الْمُبَاحَات إِلَيْهِ (وَلِأَن فِيهِ) أَي الْعتْق (حق الله تَعَالَى) لكَونه من الْعِبَادَات (وَلنَا أَن ذكر الْعلَّة) من حَيْثُ هِيَ عِلّة (مَعَ الحكم يُفِيد تعميمه) أَي الحكم (فِي محَال وجودهَا لِأَنَّهُ يتَبَادَر إِلَى فهم كل من سمع حُرْمَة الْخمر لِأَنَّهَا مسكرة) أَي الدَّال على حرمتهَا معللة بالإسكار (تَحْرِيم كل مَا أسكر)، وَفِيه أَنه يُنَافِي مَا مر من أَنهم لَا يَقُولُونَ بِثُبُوت حكم الْفَرْع من اللَّفْظ: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُرَاد نفي ثُبُوته منطوقا أَو ثُبُوت حكم الْفَرْع بِخُصُوصِهِ فَتَأمل (و) لِأَنَّهُ يتَبَادَر (من قَول طَبِيب لَا تَأْكُله) أَي الشَّيْء الْفُلَانِيّ (لبرودته مَنعه) أَي الْمُخَاطب (من) أكل (كل بَارِد، وَاحْتِمَال كَونه) أَي النَّص على الْعلَّة (لبَيَان حكمته) أَي الحكم (مَعَ منع الْمُجْتَهد من) قِيَاس (مثله) أَي مثل مَحل الحكم الْمَنْصُوص على علته (أَو أَنه) أَي النَّص عَلَيْهَا فِي نَحْو حرمت الْخمر لإسكارها (لخُصُوص إسكار الْخمر) لَا لمُطلق الْإِسْكَار (لَا يقْدَح فِي الظُّهُور) أَي فِي كَونه ظَاهرا فِي الْإِطْلَاق، والظهور كَاف فِي الْقيَاس الْمَبْنِيّ على الظَّن (كاحتمال خُصُوص الْعَام بعد الْبَحْث) والتفحص (عَن الْمُخَصّص) وَعدم العثور عَلَيْهِ (فَإِنَّهُ) أَي الْعَام (حِينَئِذٍ) أَي حِين بحث عَن مخصصه وَلم يعثر عَلَيْهِ (ظَاهر فِي عدم التَّخْصِيص فَبَطل مَنعه) أَي منع إِيجَاب النَّص على الْعلَّة التَّعْدِيَة (بتجويز كَونه) أَي النَّص على الْعلَّة (لتعقل فَائِدَة شرعيته) أَي الحكم (فِي ذَلِك الْمحل مَعَ قصره) أَي الحكم (عَلَيْهِ) أَي ذَلِك الْمحل وَحَاصِله بَيَان الْحِكْمَة لذَلِك الحكم الْمَخْصُوص بمحله عَن الشَّارِع، فَالْفرق بَين هَذَا وَمَا تقدم عدم التَّقْيِيد بِمَنْع الْمُجْتَهد من مثله صَرِيحًا (وَأبْعد مِنْهُ) أَي من التجويز الْمَذْكُور أَن يُقَال (تَعْلِيل كَونه) أَي تَحْرِيم الْخمر مُعَللا (بإسكارها) خَاصَّة لَا بِمُطلق الْإِسْكَار (بِأَن حُرْمَة الْخمر لَا تعلل بِكُل إسكار) بل بالإسكار الْمُضَاف إِلَيْهَا كَمَا فِي الشَّرْح العضدي، وَقَوله بِأَن صلَة تَعْلِيل (لِأَن الْمُدَّعِي ظُهُور حرمتهَا لِأَنَّهَا مسكرة فِي التَّعْلِيل بالإسكار) الْمُطلق (الدائر فِي كل إسكار، دون الْإِسْكَار الْمُقَيد بِالْإِضَافَة الْخَاصَّة) وَهِي الْإِضَافَة إِلَى الْخمر (لتبادر الْغَايَة) أَي خُصُوص الْإِضَافَة (إِلَى عقل كل من فهم معنى السكر) الْمَأْخُوذ فِي حرمتهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>