للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَطَرِيقَة الِاجْتِهَاد، فَمن لم يثبت الحكم الْمعِين قبل الِاجْتِهَاد لم يتفطن لهَذِهِ الدفعة (وَإِذ وَجب الِاجْتِهَاد) فِي المسئلة الاجتهادية على الْمُجْتَهدين (تعدد الحكم) فِيهَا (بتعددهم) وَاخْتِلَاف آرائهم الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا اجتهادهم، وَعدم جَوَاز بتقليد بَعضهم بَعْضًا. (وَالْمُخْتَار) عِنْد الْمُحَقِّقين من أهل الْحق أَن حكم الْوَاقِعَة الْمُجْتَهد فِيهَا قبل الِاجْتِهَاد (حكم معِين أوجب) الله تَعَالَى (طلبه) على من لَهُ أَهْلِيَّة الِاجْتِهَاد (فَمن أَصَابَهُ) أَي ذَلِك الْمعِين فَهُوَ (الْمُصِيب) لإصابته إِيَّاه (وَمن لَا) يُصِيبهُ فَهُوَ (الْمُخطئ) لعدم إِصَابَته. (وَنقل عَن) الْأَئِمَّة (الْأَرْبَعَة) هَذَا الْمُخْتَار (ثمَّ) الْمَذْهَب (الْمُخْتَار أَن الْمُخطئ مأجور) أجرا وَاحِدًا لاجتهاده، بِخِلَاف الْمُصِيب فَإِن لَهُ أَجْرَيْنِ: لاجتهاده، وإصابته (و) نقل (عَن طَائِفَة) أَنه (لَا أجر) للمخطئ (وَلَا إِثْم) عَلَيْهِ (وَلَعَلَّه) أَي الْخلاف فِي وجود الْأجر (لَا يتَحَقَّق) فِي نفس الْأَمر (فَإِن القَوْل بأجره لَيْسَ على خطئه) فَمن قَالَ مأجور لم يقل إِنَّه مأجور لخطئه (بل لامتثاله أَمر الِاجْتِهَاد، وَثُبُوت ثَوَاب ممتثل الْأَمر مَعْلُوم من الدّين) ضَرُورَة (لَا يَتَأَتَّى نَفْيه) فَكيف يَنْفِيه الْقَائِل بنفيه، فَتعين أَن مُرَاده نفى الْأجر لخطئه (وإثم خطئه مَوْضُوع) أَي مَرْفُوع عَنهُ (اتِّفَاقًا) فَلَا يرد أَن الْإِثْم فِي اجْتِهَاده فَكيف يَنْفِيه الْقَائِل بنفيه، فَتعين أَن مُرَاده نفي الْأجر لخطئه وإثم خطئه مَوْضُوع يُؤجر (فَهُوَ الأول) أَي القَوْل الثَّانِي عين القَوْل الأول بِحَسب الْمَآل (وَهَذَانِ) الْقَوْلَانِ مبنيان (على أَن عَلَيْهِ) أَي على الحكم الْمعِين (دَلِيلا ظنيا) وَعَلِيهِ أَكثر الْفُقَهَاء وَكثير من الْمُتَكَلِّمين (وَقيل) بل عَلَيْهِ دَلِيل (قَطْعِيّ، والمخطئ آثم) كَأَنَّهُ زعم فِيهِ بعض تَقْصِير فِي اجْتِهَاده، وَلَا يخفى مَا فِيهِ، وَهُوَ (قَول بشر والأصم، وَقيل غير آثم لخفائه) أَي الدَّلِيل الْقطعِي، قيل وَمَال إِلَيْهِ الماتريدي، وَنسبه إِلَى الْجُمْهُور. (وَنقل الْحَنَفِيَّة الْخلاف) فِي (أَنه) أَي الْمُخطئ (مُخطئ ابْتِدَاء وانتهاء، أَو انْتِهَاء) فَقَط (وَهُوَ) أَي كَونه مُخطئ انْتِهَاء فَقَط (الْمُخْتَار) وَعَزاهُ بَعضهم إِلَى الشَّافِعِي. وَقَوله نقل الْحَنَفِيَّة مُبْتَدأ خَبره (لَا يتَحَقَّق) لعدم معقوليته (إِذْ الِابْتِدَاء بِالِاجْتِهَادِ) وبذل المجهود لنيل الْمَقْصُود (وَهُوَ) أَي الْمُجْتَهد (بِهِ) أَي بِاجْتِهَادِهِ (مؤتمر) أَي ممتثل لما أَمر بِهِ بِقدر وَسعه (غير مُخطئ بِهِ) أَي بِهَذَا الائتمار وبذل الوسع (قطعا) كَيفَ وَهُوَ آتٍ بِمَا كلف بِهِ (وَإِن حمل) كَونه مخطئا ابْتِدَاء (على خطئه) أَي الْمُجْتَهد (فِيهِ) أَي الِاجْتِهَاد (لَا خلاله) أَي الْمُجْتَهد (بِبَعْض شُرُوط الصِّحَّة) أَي صِحَة الدَّلِيل الْموصل إِلَى الحكم الْمعِين عِنْد الله تَعَالَى من حَيْثُ الْمَادَّة أَو الصُّورَة (فاتفاق) أَي فالمحمول عَلَيْهِ مُتَّفق عَلَيْهِ، وَهُوَ عين القَوْل الْمُخْتَار، فَلَا خلاف فِي الْمَعْنى بَين من يَقُول ابْتِدَاء وانتهاء، وَبَين من يَقُول انْتِهَاء، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي التَّسْمِيَة فَقَط، فَعلم أَن نقل الْخلاف غير صَحِيح (لنا) على الْمَذْهَب الْمُخْتَار أَن لله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>