للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرد مَا مِنْهَا للفلك للَزِمَ وجود الْمَلْزُوم بِدُونِ اللَّازِم: نعم يبْقى الْكَلَام حِينَئِذٍ فِي الصُّغْرَى، وَهِي أَن الْجِسْم لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث شخصا ونوعا إِن تمّ تمّ وَإِلَّا فَلَا، وَقدم الْحَوَادِث المحيطة بالأجسام بأسرها نوعا يكَاد أَن لَا يتَصَوَّر، وحركة الْفلك غير مسلمة فضلا عَن قدمهَا (لَا بُد لَهُ) أَي لَا يَخْلُو عَن الْحَوَادِث، فَقَوله لَا بُد خبر بعد خبر (من موجد) لَهُ (إِذْ لم يكن الْوُجُود مُقْتَضى ذَاته) أَي الْحَادِث الْمَذْكُور، وبديهة الْعقل حاكمة بِأَن وجود الْحَادِث لَا بُد لَهُ من الْمُقْتَضى (ويستلزم) الحكم بِوُجُود الْوَاجِب تَعَالَى (الحكم بصفاته) من الْحَيَاة وَالْعلم والإرادة إِلَى آخر مَا ذكر فِي علم الْكَلَام بأدلتها الْوَاضِحَة الَّتِي لَا ينكرها إِلَّا معاند، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (كَمَا عرف) أَي على الْوَجْه الَّذِي عرف فِي مَحَله (وَكَذَا مُنكر الرسَالَة) أَي وَكَذَا جهل مُنكر الرسَالَة لَا يصلح عذرا وَلَا شُبْهَة لِأَنَّهُ مكابر (بعد ثُبُوت المعجزة) الَّتِي هِيَ شَهَادَة وَاضِحَة من الله تَعَالَى بِصدق دَعْوَى الرَّسُول، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى من شهد زمَان الرسَالَة (وتواتر مَا يُوجب النُّبُوَّة) من الْأَخْبَار الدَّالَّة على صُدُور المعجزة من مدعيها بِالنِّسْبَةِ إِلَى من لم يشْهد زمانها، فَإِن خصوصيات الْأَخْبَار لَو لم تبلغ حدا التَّوَاتُر فالقدر الْمُشْتَرك متواتر قطعا، وَلَا سِيمَا الْقُرْآن المعجز لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْبَاقِي على صفحة الدَّهْر إِلَى آخر الدُّنْيَا، فانه متواتر إِجْمَاعًا ظَاهر إعجازه لكل بليغ كَامِل فِي بلاغته، وَفِي ذكر النُّبُوَّة مَوضِع الرسَالَة إِشْعَار بِأَن المُرَاد بالرسالة النُّبُوَّة الْمَشْهُورَة فِي الْمَعْنى الْأَعَمّ، فَإِن خُصُوصِيَّة كَونه صَاحب شَرِيعَة مَخْصُوصَة مَا لَا دخل لَهُ فِي هَذَا الْمقَام (فَلِذَا) أَي فلكون إِنْكَار الرسَالَة بعد ثُبُوتهَا مُكَابَرَة (لَا تلْزم) على الْمُسلمين (مناظرته) أَي مُنكر الرسَالَة، لِأَنَّهُ لم يبْق لَهُ حجَّة على الله تَعَالَى بعد الرُّسُل، وَثُبُوت معجزتهم، وبلوغ الْخَبَر إِلَيْهِ (بل إِن لم يتب) بعض أَفْرَاد منكري الرسَالَة، وَهُوَ (الْمُرْتَد) عَن الرَّسُول (قَتَلْنَاهُ) كَمَا نقْتل الْمُرْتَد عَن الله سُبْحَانَهُ خُصُوصا إِن عرض الْإِسْلَام عَلَيْهِ وَلم يرجع إِلَيْهِ، بِخِلَاف غَيره من الْكفَّار فَإِنَّهُ لَا يتَعَيَّن فِي حَقهم الْقَتْل، بل أحد الْأُمُور: إِمَّا الْقَتْل أَو الْجِزْيَة أَو الاسترقاق، وَإِنَّمَا شدد على الْمُرْتَد، لِأَن مكابرته بُد ذوق لَذَّة الْإِسْلَام أَشد (وَكَذَا) أَي وَكَذَا الْجَهْل (فِي حكم لَا يقبل التبدل) عقلا وَلَا شرعا باخْتلَاف الْأَدْيَان لَا يصلح عذرا وَلَا شُبْهَة لكَون صَاحبه مكابرا لوضوح دَلِيله (كعبادة غَيره تَعَالَى. وَأما تدينه) أَي الْكَافِر (فِي) الْقَامُوس: تدين اتخذ دينا وَالْمرَاد عمله بِمَا اتَّخذهُ دينا فِي حكم (غَيره) أَي غير مَا لَا يقبل التبدل كتحريم الْخمر (ذِمِّيا) حَال من الضَّمِير فِي تدينه فَإِنَّهُ فَاعل معِين (فالاتفاق على اعْتِبَاره) أَي اعْتِبَار تدينه الْمَذْكُور (دافعا للتعرض) لَهُ حَتَّى لَو بَاشر مَا دَان بِهِ لَا يتَعَرَّض لَهُ فَقَوله دافعا مفعول ثَان للاعتبار لتَضَمّنه معنى الْجعل (فَلَا يحد) الذِّمِّيّ (لشرب الْخمر إِجْمَاعًا، ثمَّ لم يضمن الشَّافِعِي متلفها) أَي خمر

<<  <  ج: ص:  >  >>