للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بطلَان الثَّانِي. كَيفَ وَقد وَقع الْخلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء. وَقَالَ الْآمِدِيّ: الْمُخْتَار أَنه إِذا لم يكن ذَاكِرًا لاجتهاده الأول يجب التكرير وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ السُّبْكِيّ: الْأَصَح فِي مَذْهَبنَا عدم لُزُوم التَّجْدِيد فِيمَا إِذا لم يذكر الدَّلِيل الأول، وَلم يَتَجَدَّد مَا يُوجب الرُّجُوع عَن الأول، فَإِن كَانَ ذَاكِرًا لم يلْزمه قطعا، وَإِن تجدّد مَا يُوجب الرُّجُوع يجب عَلَيْهِ قطعا انْتهى. وَفِي رَوْضَة الْحُكَّام اجْتهد لنازلة فَحكم أَو لم يحكم، ثمَّ حدثت ثَانِيًا فِيهِ وَجْهَان، الصَّحِيح إِذا كَانَ الزَّمَان قَرِيبا لَا يخْتَلف فِي مثله الِاجْتِهَاد لَا يستأنفه، وَإِلَّا اسْتَأْنف. وَذكر الشَّافِعِيَّة فِي الْعَاميّ استفتى ثمَّ وَقع لَهُ الْحَاجة إِلَى ذَلِك ثَانِيًا إِن أفتاه عَن نَص: كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع، أَو كَانَ متبحرا فِي مذْهبه وَإِن لم يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد فأفتاه عَن نَص صَاحب الْمَذْهَب فَلهُ أَن يعْمل بالفتوى الأولى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أصَحهمَا لُزُوم السُّؤَال ثَانِيًا إِلَى غير ذَلِك يطْلب تفاصيله فِي مَحَله.

[مسئلة]

(لَا يَصح فِي مسئلة لمجتهد) وَاحِد فِي وَقت وَاحِد (قَولَانِ) من غير أَن يكون أَحدهمَا مرجوعا عَنهُ (للتناقض) أَي للُزُوم اعْتِقَاد النقيضين، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا إِمَّا عين نقيض الآخر أَو مُسْتَلْزم لَهُ (فَإِن) نسب إِلَى مُجْتَهد وَاحِد قَولَانِ، و (عرف الْمُتَأَخر) مِنْهُمَا صدورا عَنهُ (تعين) الْمُتَأَخر (رُجُوعا) أَي مرجوعا إِلَيْهِ عَن الأول، أَو الْمَعْنى تعين الْمصير إِلَى الْمُتَأَخر رُجُوعا عَن الأول (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يعرف الْمُتَأَخر (وَجب تَرْجِيح الْمُجْتَهد) أَي الَّذِي اجْتهد (بعده) أَي بعد الْمُجْتَهد الَّذِي نسب إِلَيْهِ الْقَوْلَانِ (بِشَهَادَة قلبه) مُتَعَلق بالترجيح: أَي وَجب فِي الْعَمَل بِأحد الْقَوْلَيْنِ أَن يرجح الْمُجْتَهد الثَّانِي أَحدهمَا بِسَبَب أَن يمِيل قلبه إِلَيْهِ بِاعْتِبَار مَا ظهر عِنْده من الأمارة الدَّالَّة على كَونه أقرب إِلَى الصَّوَاب (وَعند بعض الشَّافِعِيَّة يخبر متبعه) أَي صَاحب الْقَوْلَيْنِ (الْمُقَلّد) صفة كاشفة للمتبع لِأَن الْمُجْتَهد لَا يجوز لَهُ الِاتِّبَاع (فِي الْعَمَل) مُتَعَلق بيخير (بِأَيِّهِمَا) أَي الْقَوْلَيْنِ، وَالْجَار مُتَعَلق بِالْعَمَلِ (شَاءَ: كَذَا فِي بعض كتب الْحَنَفِيَّة الْمَشْهُورَة) صفة للكتب، (وَكَانَ المُرَاد بالمجتهد) فِي قَوْلهم وَجب تَرْجِيح الْمُجْتَهد: الْمُجْتَهد (فِي الْمَذْهَب وَإِلَّا فترجيح) الْمُجْتَهد (الْمُطلق بِشَهَادَتِهِ) أَي بِشَهَادَة قلبه إِنَّمَا يكون (فِيمَا عَن) أَي ظهر (لَهُ) فِي اجْتِهَاده عِنْد تعَارض الأمارات الْمُخْتَلفَة فِي مَحل الِاجْتِهَاد، لَا فِي قَول مُجْتَهد آخر، وَهُوَ ظَاهر (وَالتَّرْجِيح) الْمَطْلُوب (هُنَا) لأحد الْقَوْلَيْنِ إِنَّمَا هُوَ التَّنْصِيص (على أَنه) أَي أَحدهمَا بِعَيْنِه هُوَ (الْمعول) أَي الْمُعْتَمد عَلَيْهِ (لصاحبهما) أَي الْقَوْلَيْنِ. (وَقَول الْبَعْض) من الشَّافِعِيَّة (يُخَيّر المتبع فِي الْعَمَل لَيْسَ خلافًا) لما قبله (بل) هُوَ (مَحل آخر) أَي مَا قبله، وَهُوَ وجوب التَّرْجِيح بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجْتَهد فِي الْمَذْهَب

<<  <  ج: ص:  >  >>