للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره من المقلدين فَكل وَاحِد من الْحكمَيْنِ: أَعنِي الْوُجُوب والتخيير مَحل آخر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (ذكره ذَلِك الْبَعْض بِالنِّسْبَةِ إِلَى غير الْمُجْتَهد فِي حق الْعَمَل لَا التَّرْجِيح) لأَحَدهمَا (وَفِي بَعْضهَا) أَي كتب الْحَنَفِيَّة (إِن لم يعرف تَارِيخ) للقولين (فَإِن نقل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ عَنهُ) أَي صَاحب الْقَوْلَيْنِ (مَا يقويه) كَقَوْلِه هَذَا أشبه أَو تَفْرِيع عَلَيْهِ (فَهُوَ أَي ذَلِك القَوْل الْمُؤَيد بالمقوى (الصَّحِيح عِنْده) أَي عِنْد صَاحبهمَا، وَفِيه أَن مُجَرّد التقوية لَا تَسْتَلْزِم عدم صِحَة الآخر كَمَا يفهم من قَوْله: هُوَ الصَّحِيح (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم ينْقل عَنهُ مَا يقوى أَحدهمَا (إِن كَانَ) أَي وجد (مُتبع بلغ الِاجْتِهَاد) فِي الْمَذْهَب (رجح) أَحدهمَا (بِمَا مر من المرجحات إِن وجد) شَيْء مِنْهَا (وَإِلَّا يعْمل بِأَيِّهِمَا شَاءَ بِشَهَادَة قلبه، وَإِن كَانَ عاميا اتبع فَتْوَى الْمُفْتِي فِيهِ) أَي الْعَمَل أَو الْمَذْهَب (الأتقى الأعلم) الثَّابِت كَونه كَذَا (بِالتَّسَامُعِ) وَهَذَا بِنَاء على أَن الَّذِي يستفتى مِنْهُ غير صَاحب الْقَوْلَيْنِ (وَإِن) كَانَ (متفقها) تعلم الْفِقْه وتتبع كتب الْمَذْهَب من غير أَن يصير مُجْتَهدا فِي الْمَذْهَب كَمَا يدل عَلَيْهِ صِيغَة التفعل (تبع الْمُتَأَخِّرين) من أهل الْفَتْوَى فِي الْمَذْهَب (وَعمل بِمَا هُوَ أصوب وأحوط عِنْده، وَإِذ نقل قَول الشَّافِعِي فِي سبع عشرَة مسئلة فِيهَا قَولَانِ) كَمَا ذكره الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَغَيره. قَوْله فِيهَا قَولَانِ مقول قَول الشَّافِعِي (حمل) قَول الشَّافِعِي فِيهَا قَولَانِ (على أَن للْعُلَمَاء) السَّابِقين عَلَيْهِ (قَوْلَيْنِ) فِيهَا، وَفَائِدَته التَّنْبِيه على أَنَّهَا مَحل الِاجْتِهَاد لم يَقع عَلَيْهَا الْإِجْمَاع، وَقيل التَّنْبِيه على أَن مَا سواهُمَا منفي بِالْإِجْمَاع على مَا بَين فِي مَحَله (أَو يحتملهما) أَي الْمحل يحْتَمل الْقَوْلَيْنِ لوُجُود تعادل الدَّلِيلَيْنِ عِنْده، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لم ينْسب إِلَيْهِ شَيْء مِنْهُمَا، ذكره الإِمَام الرَّازِيّ وَمن تبعه (أولى فِيهَا) قَولَانِ مَعْطُوف على قَوْله للْعُلَمَاء (على القَوْل بالتخيير عِنْد التعادل) أَي يتَخَيَّر الْمُجْتَهد عِنْد تعادل الدَّلِيلَيْنِ وَعدم رُجْحَان أَحدهمَا عِنْده فَيعْمل بِأَيِّهِمَا شَاءَ: قَالَه القَاضِي فِي التَّقْرِيب، وَتعقبه إِمَام الْحَرَمَيْنِ بِأَنَّهُ بِنَاء على اعْتِقَاده أَن مَذْهَب الشَّافِعِي تصويب الْمُجْتَهدين، لَكِن الصَّحِيح من مذْهبه أَن الْمُصِيب وَاحِد فَلَا يُمكن القَوْل عَنهُ بالتخيير، وَقد يكون الْقَوْلَانِ: التَّحْرِيم وَالْإِبَاحَة، ويستحيل التَّخْيِير بَينهمَا (أَو تقدما) أَي الْقَوْلَانِ (لي) فَيكون حِكَايَة لقوليه المرتبين فِي الزَّمَان الْمُتَقَدّم فَقَوله: أَو يحتملهما، وَقَوله أَو تقدما معطوفان على قَوْله ان للْعُلَمَاء بارادة الْمَعْنى المصدري: أَي حمل على احتمالهما أَو تقدمهما بتقرراته، وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَعِنْدِي أَنه حَيْثُ نَص على الْقَوْلَيْنِ فِي مَوضِع وَاحِد فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ مَذْهَب، وَقَالَ هَذَا يدل على علو رتبته وَعلمه بطرق الِاشْتِبَاه، وَأما اخْتِلَاف الرِّوَايَة عَن أبي حنيفَة فَلَيْسَ من بَاب الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ الإِمَام أَبُو بكر البليغي: أَن الِاخْتِلَاف فِي الرِّوَايَة عَنهُ من وُجُوه: مِنْهَا الْغَلَط فِي السماع، وَمِنْهَا رِوَايَة قَول رَجَعَ عَنهُ وَلم يعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>