للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لبني إِسْرَائِيل (قبله) أَي قبل اجْتِهَاده الْمُؤَدى إِلَى التَّحْرِيم (لِأَن الدَّلِيل) الَّذِي يرتبه الْمُجْتَهد إِنَّمَا (يظْهر فِي الحكم) الثَّابِت قبله (لَا ينشئه) أَي الدَّلِيل لَا يحدث الحكم (لقدمه) أَي الحكم، لِأَنَّهُ خطاب الله تَعَالَى المنزه عَن أَن يكون صِفَاته حَادِثَة وَالْحَاصِل ان الْقُرْآن دلّ على أَن كل الطَّعَام مِمَّا حرم إِسْرَائِيل وَغَيره قد كَانَ حلا قبل تَحْرِيمه، فَلَو كَانَ تَحْرِيمه بطرِيق الِاجْتِهَاد لزم أَن لَا يكون مَا حرم حلا قبل تَحْرِيمه، بل يكون حَرَامًا لم تظهر حرمته إِلَّا بعد اجْتِهَاده، لِأَن الدَّلِيل مظهر لما كَانَ ثَابتا. (قَالَ) الْقَائِل بالوقوع أَيْضا (قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) " إِن الله حرم مَكَّة فَلم تحل لأحد قبلي وَلَا تحل لأحد بعدِي، وَإِنَّمَا أحلّت لي سَاعَة من نَهَار (لَا يخْتَلى خَلاهَا) وَلَا يعضد شَجَرهَا وَلَا تلْتَقط لقطتهَا إِلَّا الْمُعَرّف ". الخلا مَقْصُور النَّبَات الرَّقِيق مَا دَامَ رطبا. وَفِي الْقَامُوس اختلاه: خره أَو نَزعه (فَقَالَ الْعَبَّاس) يَا رَسُول الله (إِلَّا الأذخر، فَقَالَ إِلَّا الأذخر) والأذخر بِالذَّالِ وَالْخَاء المعجمتين وَكسر الْهمزَة وَالْخَاء: نبت طيب الرَّائِحَة مَعْرُوف و (مثله) أَي مثل هَذَا الالتماس والإجابة على الْفَوْر (لَا يكون) ناشئا (عَن وَحي لزِيَادَة السرعة) فِي الْجَواب على الْقدر الْمُعْتَاد فِي نزُول الْوَحْي مَعَ عدم ظُهُور علاماته (وَلَا) يكون عَن (اجْتِهَاد) لذَلِك أَيْضا (أُجِيب) عَن هَذَا الِاسْتِدْلَال (بِأحد أُمُور: كَون الأذخر لَيْسَ مِنْهُ) أَي من الخلا (واستثناء الْعَبَّاس مُنْقَطع) علم الْعَبَّاس إِبَاحَته باستصحابه حَال الْحل (وَفَائِدَته) أَي الِاسْتِثْنَاء (دفع توهم شُمُوله) أَي شُمُول الخلا: الأذخر من إِضَافَة الْمصدر إِلَى الْمَفْعُول (بالحكم) أَي بِاعْتِبَار حكم الَّذِي هُوَ الْمَنْع (وتأكيد حَاله) الَّذِي هُوَ الْحل مَعْطُوف على دفع توهم (أَو) كَون الأذخر (مِنْهُ) أَي من الخلا (وَلم يردهُ) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عُمُوم لفظ خَلاهَا كَمَا قيل: مَا من عَام إِلَّا وَخص مِنْهُ الْبَعْض (وَفهم) الْعَبَّاس (عدمهَا) أَي عدم إِرَادَته (فَصرحَ) بالمراد (ليقرر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِلَّا الأذخر، وَقَررهُ على ذَلِك (وَأورد) على التَّوْجِيه الْأَخير بِأَنَّهُ (إِذا لم يرد) النَّبِي أَو الْعَبَّاس الأذخر بِلَفْظ الخلا (فَكيف يسْتَثْنى) الأذخر مِنْهُ، وَهل يتَصَوَّر الِاسْتِثْنَاء بِدُونِ تنَاول الْمُسْتَثْنى مِنْهُ للمستثنى (أُجِيب) عَن هَذَا الْإِيرَاد (بِأَنَّهُ) أَي الأذخر (لَيْسَ) مُسْتَثْنى (من) الخلا (الْمَذْكُور) فِي كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بل من مثله مُقَدرا) فِي كَلَام الْعَبَّاس، فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يخْتَلى خَلاهَا إِلَّا الأذخر، فالعباس أخرج الأذخر بعد شُمُول صدر كَلَامه إِيَّاه، وَأما كَلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا اسْتثِْنَاء فِيهِ، غير أَن الأذخر غير مندرج فِيهِ (وَهَذَا السُّؤَال) يَعْنِي الْإِيرَاد الْمَذْكُور (بِنَاء) أَي مَبْنِيّ (على مَا تقدم) فِي بحث الِاسْتِثْنَاء (من اخْتِيَار أَن الْمخْرج) من الصَّدْر (مُرَاد بالصدر بعد دُخُوله) أَي الْمخْرج (فِي دلَالَته)

<<  <  ج: ص:  >  >>