للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الْمُجْتَهدين. قَالَ المُصَنّف: وَهَذَا القَوْل فِي الْحَقِيقَة تَفْصِيل لقَوْله، وَقيل لَا. قَالَ المُصَنّف (وَهُوَ) يَعْنِي هَذَا القَوْل (الْغَالِب على الظَّن) كِنَايَة عَن كَمَال قوته بِحَيْثُ جعل الظَّن مُتَعَلقا بِنَفسِهِ فَلَا يتَعَلَّق بِمَا يُخَالِفهُ، ثمَّ بَين وَجه غلبته بقوله (لعدم مَا يُوجِبهُ) أَي لُزُوم اتِّبَاع من الْتزم تَقْلِيده (شرعا) أَي إِيجَابا شَرْعِيًّا، إِذْ لَا يجب على الْمُقَلّد إِلَّا اتِّبَاع أهل الْعلم لقَوْله تَعَالَى - {فاسئلوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ} -: فَلَيْسَ الْتِزَامه من الموجبات شرعا (وَيتَخَرَّج) أَي يستنبط (مِنْهُ) أَي من جَوَاز اتِّبَاع غير مقلده الأول وَعدم التَّضْيِيق عَلَيْهِ (جَوَاز اتِّبَاعه رخص الْمذَاهب) أَي أَخذه من الْمذَاهب مَا هُوَ الأهون عَلَيْهِ فِيمَا يَقع من الْمسَائِل (وَلَا يمْنَع مِنْهُ مَانع شَرْعِي، إِذْ للْإنْسَان أَن يسْلك) المسلك (الأخف عَلَيْهِ إِذا كَانَ لَهُ) أَي للْإنْسَان (إِلَيْهِ) أَي ذَلِك المسلك الأخف (سَبِيل). ثمَّ بَين السَّبِيل بقوله (بِأَن لم يكن عمل بآخر) أَي بقول آخر مُخَالف لذَلِك الأخف (فِيهِ) أَي فِي ذَلِك الْمحل الْمُخْتَلف فِيهِ (وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب مَا خفف عَلَيْهِم). فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا بِلَفْظ عَنْهُم، وَفِي رِوَايَة بِلَفْظ مَا يُخَفف عَنْهُم: أَي أمته، وَذكروا عدَّة أَحَادِيث صَحِيحَة دَالَّة على هَذَا الْمَعْنى. وَمَا نقل عَن ابْن عبد الْبر: من أَنه لَا يجوز للعامي تتبع الرُّخص إِجْمَاعًا، فَلَا نسلم صِحَة النَّقْل عَنهُ، وَلَو سلم فَلَا نسلم صِحَة دَعْوَى الْإِجْمَاع، كَيفَ وَفِي تفسيق المتتبع للرخص رِوَايَتَانِ عَن أَحْمد، وَحمل القَاضِي أَبُو يعلى الرِّوَايَة المفسقة على غير متأول وَلَا مقلد (وَقَيده) أَي جَوَاز تَقْلِيد غير مقلده (مُتَأَخّر) وَهُوَ الْعَلامَة الْقَرَافِيّ (بِأَن لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ) أَي على تَقْلِيد الْغَيْر (مَا يمنعانه) بإيقاع الْفِعْل على وَجه يحكم بِبُطْلَانِهِ المجتهدان مَعًا لمُخَالفَته الأول فِيمَا قلد فِيهِ غَيره، وَالثَّانِي فِي شَيْء فِيمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ صِحَة ذَلِك الْعَمَل عِنْده، فالموصول عبارَة عَن إِيقَاع الْفِعْل على الْوَجْه الْمَذْكُور، وَالضَّمِير الْمَفْعُول للموصول. ثمَّ أَشَارَ إِلَى تَصْوِير هَذَا التفسيق بقوله (فَمن قلد الشَّافِعِي فِي عدم) فَرضِيَّة (الدَّلْك) للأعضاء المغسولة فِي الْوضُوء وَالْغسْل (و) قلد (مَالِكًا فِي عدم نقض اللَّمْس بِلَا شَهْوَة) للْوُضُوء (وَصلى إِن كَانَ الْوضُوء بذلك صحت) صلَاته عِنْد مَالك (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن بدلك (بطلت عِنْدهمَا) أَي مَالك وَالشَّافِعِيّ وَلَا يخفى أَنه كَانَ مُقْتَضى السِّيَاق أَن تدلك بطلت عِنْدهمَا من غير الشَّرْط وَالْجَزَاء، لِأَنَّهُ قد علم من التقليدين أَن الْمُقَلّد الْمَذْكُور ترك الدَّلْك ولمس بِلَا شَهْوَة وَلم يعد الْوضُوء، لكنه أَرَادَ أَن يُقَلّد الشَّافِعِي فِي عدم فَرِيضَة الدَّلْك لَو وَقع مِنْهُ الدَّلْك مَعَ عدم اعْتِقَاد فريضته تصح صلَاته عِنْد مَالك فَإِن قلت على هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر شَرْطِيَّة أُخْرَى فِي تَقْلِيد مَالك قلت: اكْتفى بذلك لِأَنَّهُ يعلم بالمقايسة وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن بطلَان الصُّورَة الْمَذْكُورَة عِنْدهمَا غير مُسلم فَإِن مَالِكًا مثلا لم يقل

<<  <  ج: ص:  >  >>