للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّانِي مَا لَا يخفى (وعَلى هَذَا) الَّذِي ذكر لمُحَمد (صَحَّ اسْتثِْنَاء الْإِنْكَار أَيْضا عِنْده) أَي عِنْد مُحَمَّد من التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ لشمُول الْمَعْنى الْمجَازِي إِيَّاه، وَعدم لُزُوم الِاسْتِغْرَاق (وَبَطل عِنْد أبي يُوسُف لِأَنَّهُ) أَي اسْتثِْنَاء الْإِنْكَار (مُسْتَغْرق) لِأَنَّهُ لم يبْق بعده لُزُوم شَيْء بعد استثنائه من الْخُصُومَة لما عرفت.

[مسئلة]

(إِذا تعقب) الِاسْتِثْنَاء (جملا) متعاطفة (بِالْوَاو وَنَحْوهَا) وَهِي الْفَاء، وَثمّ، وَحَتَّى، وَمِنْهُم من قيد بِالْوَاو كإمام الْحَرَمَيْنِ والآمدي وَابْن الْحَاجِب، وَمِنْهُم من أطلق العاطف، كَالْقَاضِي أبي بكر، وَمِنْهُم من أطلق كَونه عقب الْجمل من غير ذكر للْعَطْف كَالْإِمَامِ الرَّازِيّ (فالشافعية قَالُوا يتَعَلَّق) الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور (بِالْكُلِّ) أَي بِكُل وَاحِد من تِلْكَ الْجمل (ظَاهرا) لَا نصا إِذْ لَا دَلِيل للْقطع، فِي الشَّرْح العضدي لَا خلاف فِي إِمْكَان رده إِلَى الْجَمِيع وَلَا إِلَى الْأَخير خَاصَّة، إِنَّمَا الْخلاف فِي الظُّهُور، فَقَالَ الشَّافِعِي ظَاهر فِي رُجُوعه إِلَى الْجَمِيع خَاصَّة، وَالْحَنَفِيَّة إِلَى الْأَخِيرَة، وَالْقَاضِي الْغَزالِيّ وَغَيرهمَا بِالْوَقْفِ بِمَعْنى لَا يدْرِي أَنه حَقِيقَة فِي أَيهمَا. وَقَالَ المرتضى: أَنه مُشْتَرك بَينهمَا، فَيتَوَقَّف إِلَى ظُهُور الْقَرِينَة، وَهَذَانِ: يَعْنِي مَذْهَب الْوَقْف والاشتراك موافقان الْحَنَفِيَّة فِي الحكم وَإِن خالفا فِي المأخذ: يَعْنِي أَنه يُفِيد الْإِخْرَاج عَن مَضْمُون الْجُمْلَة الْأَخِيرَة دون غَيرهَا، لَكِن عِنْدهمَا لعدم الدَّلِيل فِي الْغَيْر، وَعِنْدهم لدَلِيل الْعَدَم، وَهَذَا مُقْتَضى اخْتِلَاف المأخذ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن: إِن تبين اسْتِقْلَال الثَّانِيَة عَن الأولى بالاضراب عَن الأولى فللأخيرة، وَإِلَّا فللجميع، وَظُهُور الاضرابات بِأَن يختلفا نوعا أَو اسْما مَعَ أَنه لَيْسَ فيهمَا الِاسْم الثَّانِي ضمير الِاسْم الأول أَو يختلفا حكما مَعَ أَن الجملتين فِي الْأَقْسَام الثَّلَاثَة غير مشتركتين فِي غَرَض. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ بِأَن يختلفا نوعا من جِهَة الخبرية والإنشائية، وكونهما أمرا ونهيا وَنَحْو ذَلِك، أَو اسْما بِأَن يكون الِاسْم الَّذِي يصلح مستترا مِنْهُ فِي أَحدهمَا غير الَّذِي فِي الْأُخْرَى أَو حكما بِأَن يكون مَضْمُون هَذِه مُخَالفا لمضمون الْأُخْرَى (وَقَول أبي الْحُسَيْن) وَعبد الْجَبَّار وَفِي الْمَحْصُول أَنه حق (إِن ظهر الإضراب عَن الأول) وَقد عرفت تَفْسِيره (فللأخير) أَي فالاستثناء مُتَعَلق بالأخير فَقَط (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يظْهر الإضراب عَن الأول (فللكل) أَي فَيتَعَلَّق بِكُل مِنْهُمَا، وَعدم الظُّهُور (ككون الثَّانِي ضمير الأول) كَانَ الظَّاهِر فِي مثله رُجُوع الِاسْتِثْنَاء إِلَيْهِمَا جَمِيعًا (وَلَو اخْتلفَا) أَي الكلامان (فِيمَا يذكر) أَي فِي النَّوْع، وَالْحكم، وَالِاسْم (أَو اشْتَركَا) أَي الكلامان (فِي الْغَرَض) المسوق لَهُ الْكَلَام (وَمِنْه) أَي من هَذَا الْقَبِيل (قَوْله تَعَالَى (وَلَا تقبلُوا لَهُم

<<  <  ج: ص:  >  >>