للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَن السَّبَب الْوَاحِد لَا يُوجب المتنافيين فِي وَقت وَاحِد) فَإِنَّهُ لَو حمل الْمُطلق على إِطْلَاقه كَانَ لَازمه الْخُرُوج عَن الْعهْدَة بِدُونِ الْقَيْد وَمُقْتَضى الْمُقَيد أَن الْقَيْد مَطْلُوب أَيْضا فَيلْزم اقْتِضَاء السَّبَب الْوَاحِد مطلوبية الْقَيْد، وَعدم مطلوبيته فِي وَقت وَاحِد (كَصَوْم) كَفَّارَة (الْيَمين على التَّقْدِير) أَي تَقْدِير وُرُود الْمُطلق، وَهُوَ قِرَاءَة الْجُمْهُور، وَقِرَاءَة ابْن مَسْعُود: فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات فِيهَا مَعًا، وَمن ثمَّ قَالَ أَصْحَابنَا بِوُجُوب التَّتَابُع فِيهِ (أَو جهل) ورودهما مَعًا (فَالْأَوْجه عِنْدِي كَذَلِك) أَي حمل الْمُطلق على الْمُقَيد (حملا) لَهما (على الْمَعِيَّة تَقْدِيمًا للْبَيَان على النّسخ عِنْد التَّرَدُّد) بَينهمَا، إِذْ لم يحمل على الْمَعِيَّة: إِمَّا لكَون الْمُطلق مقدما فَينْسَخ الْمُقَيد إِطْلَاقه، أَو بِالْعَكْسِ: فَينْسَخ الْمُطلق تَقْيِيد الْمُقَيد، وَإِنَّمَا يحمل على الْمَعِيَّة (للأغلبية) إِذْ الْبَيَان أَكثر وقوعا من النّسخ فَهُوَ أغلب (مَعَ أَن قَوْلهم) أَي الْحَنَفِيَّة (فِي التَّعَارُض) من أَن الدَّلِيلَيْنِ المتعارضين إِذا لم يعلم تاريخهما يجمع بَينهمَا (يؤنسه) أَي يُؤَيّد مَا عِنْدِي ويجعله مأنوسا (وَإِلَّا أَي وَإِن لم يجهل، بل علم تَأَخّر أَحدهمَا عَن الآخر فَإِن كَانَ الْمُطلق فَسَيَأْتِي

وَإِن كَانَ الْمُقَيد (فالمقيد الْمُتَأَخر نَاسخ عِنْد الْحَنَفِيَّة: أَي أُرِيد الْإِطْلَاق) أَي أَرَادَهُ أَولا وَجعله مَشْرُوعا (ثمَّ رفع) أَي الْإِطْلَاق (بالقيد، فَلِذَا) أَي فلكون الْمُقَيد الْمُتَأَخر نَاسِخا عِنْدهم (لم يُقيد خبر الْوَاحِد عِنْدهم الْمُتَوَاتر، وَهُوَ) أَي تَقْيِيد الْخَبَر الْوَاحِد الْمُتَوَاتر هُوَ (الْمُسَمّى بِالزِّيَادَةِ على النَّص) عِنْدهم: لِأَنَّهُ ظَنِّي، والمتواتر قَطْعِيّ، وَلَا يجوز نسخ الْقطعِي بالظني (وَهُوَ) أَي كَون الْمُقَيد الْمُتَأَخر نَاسِخا لَهُ (الْأَوْجه، وَالشَّافِعِيَّة) قَالُوا: وُرُود الْمُقَيد بعد الْمُطلق (تَخْصِيص) للمطلق (أَي بَين الْمُقَيد أَنه) هُوَ (المُرَاد بالمطلق، وَهُوَ) أَي الْبَيَان الْمَذْكُور (معنى حمل الْمُطلق على الْمُقَيد، وَقَوْلهمْ) أَي الشَّافِعِيَّة (أَنه) حمل الْمُطلق على الْمُقَيد (جمع بَين الدَّلِيلَيْنِ) الْمُطلق والمقيد (مغالطة قَوْلهم) أَي الشَّافِعِيَّة فِي بَيَان وَجه الْجمع (لِأَن الْعَمَل بالمقيد عمل بِهِ) أَي بالمطلق من غير عكس (قُلْنَا) لَا نسلم أَنه عمل بالمطلق مُطلقًا (بل بالمطلق الْكَائِن فِي ضمن الْمُقَيد من حَيْثُ هُوَ كَذَلِك) أَي فِي ضمن الْمُقَيد (وَهُوَ) أَي الْمُطلق من حَيْثُ هُوَ فِي ضمن الْمُقَيد (الْمُقَيد فَقَط، وَلَيْسَ الْعَمَل بالمطلق كَذَلِك) أَي الْعَمَل بِهِ فِي ضمن الْمُقَيد فَقَط (بل) الْعَمَل بِهِ (أَن يُجزئ كل مَا صدق عَلَيْهِ) الْمُطلق (من المقيدات) بَيَان لما، يَعْنِي أَن يحمل على إِطْلَاقه بِحَيْثُ أمكن للمكلف أَن يَأْتِي بِمَا شَاءَ من أَفْرَاده سَوَاء كَانَ ذَلِك الْمُقَيد الْمَنْصُوص أَو غَيره، فَيكون كل فَرد من أَفْرَاد الْمُطلق مجزئا عَمَّا هُوَ الْوَاجِب عَلَيْهِ فَيُجزئ تَحْرِير كل من المؤمنة والكافرة عَن الْكَفَّارَة (ومنشأ المغلطة أَن الْمُطلق باصطلاح) وَهُوَ اصْطِلَاح المنطقيين (الْمَاهِيّة لَا بِشَرْط شَيْء) يَعْنِي نفس الطبيعة من

<<  <  ج: ص:  >  >>