للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضعا (شخصيا وَالْكَلَام فِيهِ) أَي فِي الْوَضع الشخصي (وَأَيْضًا إِن اعْتبر الْمجَاز فِيهِ) أَي فِي شابت لمة اللَّيْل (فِي الْمُفْرد) أَي فِي شابت بِأَن أُرِيد بالشيب حُدُوث بَيَاض الصُّبْح فِي آخر سَواد اللَّيْل، وَفِي لمة بِأَن أُرِيد بهَا سَواد آخر اللَّيْل وَهُوَ الْغَلَس (منعنَا عدم حَقِيقَة شابت أَو لمة) لاستعمالهما فِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ لَهَا من بَيَاض الشّعْر، وَالشعر المجاور على شحمة الْأذن فِي غير هَذَا الْمركب (أَو) اعْتبر الْمجَاز فِيهِ (فِي نسبتهما) أَي النِّسْبَة الإسنادية للشيب إِلَى اللمة، وَالنِّسْبَة الإضافية للمة إِلَى اللَّيْل (فَلَيْسَ) الْمجَاز فيهمَا (النزاع) لِأَنَّهُ مجَاز عَقْلِي، والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِي الْمجَاز فِي الْمُفْرد (وَأما منع الثَّانِي) أَي الْمجَاز فِي النِّسْبَة بِأَن يُقَال: لَا مجَاز فِي النِّسْبَة (لِاتِّحَاد جِهَة الْإِسْنَاد) كَمَا سبق فِي تَنْبِيه قَول الْحَنَفِيَّة: وَالْمجَاز على غير الْمُفْرد (فَغير وَاقع لما تقدم) هُنَاكَ وأوضحناه فَليُرَاجع (وَأَيْضًا) وضع (الرَّحْمَن لمن لَهُ رقة الْقلب وَلم يُطلق) إطلاقا (صَحِيحا إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى) وَالله منزه عَن الْوَصْف بهَا (فَلَزِمَ) أَن يكون إِطْلَاقه عَلَيْهِ تَعَالَى (مجَازًا بِلَا حَقِيقَة بِخِلَاف قَوْلهم) أَي بني حنفية فِي مُسَيْلمَة الْكذَّاب (رَحْمَن الْيَمَامَة). وَقَول شَاعِرهمْ:

(وَأَنت غيث الورى لَا زلت رحمانا ...)

فَإِنَّهُ لم يُطلق عَلَيْهِ إطلاقا صَحِيحا لمُخَالفَته اللُّغَة إِذا انفق أَهلهَا أَن لَا يُطلق إِلَّا على الله سُبْحَانَهُ، أوقعهم فِيهِ لحاجهم فِي الْكفْر (وَلِأَنَّهُم لم يُرِيدُوا بِهِ) أَي بِلَفْظ رَحْمَن فِي إِطْلَاقه على مُسَيْلمَة الْمَعْنى (الْحَقِيقِيّ من رقة الْقلب) بل أَرَادوا أَن يثبتوا لَهُ مَا يخْتَص بالإله بعد مَا أثبتوا لَهُ مَا يخْتَص بالأنبياء وَهُوَ النُّبُوَّة وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَنَّهُم لم يستعملوا الرَّحْمَن الْمُعَرّف بِاللَّامِ، وَإِنَّمَا استعملوه مُعَرفا بِالْإِضَافَة من رَحْمَن الْيَمَامَة، ومنكرا فِي لازلت رحمانا، ودعوانا فِي الْمُعَرّف بِاللَّامِ (قَالُوا) أَي الملزمون (لَو لم يسْتَلْزم) الْمجَاز الْحَقِيقَة (انْتَفَت فَائِدَة الْوَضع) وَهِي الِاسْتِعْمَال فِيمَا وضع لَهُ (وَلَيْسَ) هَذَا (بِشَيْء) يعْتد بِهِ (لِأَن التَّجَوُّز) بِاللَّفْظِ (فَائِدَة لَا تستدعى غير الْوَضع) أَي تتَحَقَّق هَذِه الْفَائِدَة بِمُجَرَّد الْوَضع، وَلَا تتَوَقَّف على الِاسْتِعْمَال فِيمَا وضع لَهُ: فَإِذا كَانَت هَذِه الْفَائِدَة حَاصِلَة بِمُجَرَّد الْوَضع كفى بِهِ فَائِدَة للوضع وَالله أعلم.

[مسئلة]

(الْمجَاز وَاقع فِي اللُّغَة وَالْقُرْآن والْحَدِيث خلافًا للاسفرايني فِي الأول) أَي اللُّغَة، وَحكى السُّبْكِيّ النَّفْي لوُقُوعه مُطلقًا عَنهُ وَعَن الْفَارِسِي، وَحكى الأسنوي عَنهُ وَعَن جمَاعَة (لِأَنَّهُ قد يُفْضِي إِلَى الْإِخْلَال بغرض الْوَضع) وَهُوَ فهم الْمَعْنى: يَعْنِي وُقُوعه يُفْضِي إِلَى الْإِخْلَال فِي الْجُمْلَة فِي بعض الصُّور (لخفاء الْقَرِينَة) الدَّالَّة على الْمَعْنى الْمجَازِي، وَمَا يُفْضِي إِلَى الْإِخْلَال لَا وُقُوع لَهُ فِيمَا يقْصد بِهِ الإفادة

<<  <  ج: ص:  >  >>