للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهما سيان بِاعْتِبَار وحدة الْقَرِينَة وتعددها على هَذَا الْوَجْه الْمَذْكُور، وَإِن اخْتلفَا من حَيْثُ أَن قرينَة الِاشْتِرَاك لتعيين الدّلَالَة وقرينة الْمجَاز لنَفس الدّلَالَة (وَلَعَلَّ مُرَادهم لُزُوم الِاحْتِيَاج إِلَى قرينتين (دَائِما على تَقْدِير الِاشْتِرَاك دون الْمجَاز لتعيين المُرَاد،) من الْمَعْنيين (وَنفى الآخر) يعْنى أَن القرينتين إِحْدَاهمَا لتعيين المُرَاد، وَالْأُخْرَى لنفي مَا لَيْسَ بِمُرَاد وَلَا يخفى أَن الْمعِين لأحد الْمَعْنيين لَا بُد أَن يكون نافيا للْآخر، فالتعدد بِاعْتِبَار الْحَيْثِيَّة، لَا بِاعْتِبَار الذَّات (وَهَذَا) أَي احْتِيَاج الْمُشْتَرك إِلَيْهِمَا بِنَاء (على) مَذْهَب (معممه) أَي الْمُشْتَرك فِي مفاهيمه إِنَّمَا هُوَ (فِي حَالَة عدم التَّعْمِيم) فَإِنَّهُ عِنْد قصد استغراقه لكل مَا يصلح لَهُ لَا يتَصَوَّر وجود الْقَرِينَة الْمعينَة لبَعض مفاهيمه (وَالْمجَاز كَذَلِك) أَي يلْزم كَونه مُحْتَاجا إِلَى القرينتين: إِحْدَاهمَا لتعيين المُرَاد، وَهُوَ الْمَعْنى الْمجَازِي، وَالْأُخْرَى لنفي الْحَقِيقَة بِنَاء (على الْجمع) على قَول من يُجِيز الْجمع بَين الْحَقِيقِيّ والمجازي فِي اسْتِعْمَال وَاحِد فِي حَال عدم التَّعْمِيم، فَإِنَّهُ عِنْد التَّعْمِيم يحْتَاج إِلَى قرينَة إردة الْمجَاز لَا إِلَى قرينَة نفي الْحَقِيقَة، بل هِيَ حِينَئِذٍ تفِيد خلاف مَقْصُوده: هَذَا وَقد يفرق بَينهمَا بِأَن الْمجَاز قد يسْتَعْمل فِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فَيصير حِينَئِذٍ حَقِيقَة وَلَا يحْتَاج إِلَى قرينَة بِخِلَاف الْمُشْتَرك، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَال لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى الْقَرِينَة إِلَّا عِنْد المعمم حَال التَّعْمِيم، وَهُوَ قَلِيل (وأبلغ) مَعْطُوف على قَوْله لَا يخل بالحكم فَهُوَ دَلِيل آخر على اخْتِيَار الْمجَاز إِلَى الْمجَاز أبلغ من الْحَقِيقَة، لِأَن اشتماله على نكت البلاغة أَكثر، وَاعْترض عَلَيْهِ المُصَنّف بقوله (وإطلاقه) أَي إِطْلَاق كَونه أبلغ (بِلَا مُوجب) يُفِيد ذَلِك (لِأَنَّهُ) أَي قَوْلهم أبلغ إِن كَانَ (من البلاغة) فَهُوَ (مَمْنُوع) كَيفَ (و) قد (صرح بأبلغية الْحَقِيقَة) من الْمجَاز (فِي مقَام الْإِجْمَال) مُطلقًا الدَّاعِي للأبهام على السَّامع أَولا ثمَّ التَّفْصِيل ثَانِيًا فَإِن ذَلِك أوقع فِي نفس (فَإِن الْمُشْتَرك) فِي مثل هَذَا الْمقَام (هُوَ المطابق لمقْتَضى الْحَال) لاقتضائها الْإِجْمَال الْحَاصِل فِي الْمُشْتَرك (بِخِلَاف الْمجَاز) فَإِن اللَّفْظ مَعَ عدم الْقَرِينَة يحمل على الْحَقِيقَة، وَمَعَهَا على الْمجَاز فَلَا إِجْمَال (و) إِن كَانَ (بِمَعْنى تَأْكِيد إِثْبَات الْمَعْنى) أَي , وَإِن كَانَ من الْمُبَالغَة بِمَعْنى كَونه أكمل وَأقوى فِي الدّلَالَة على مَا أُرِيد بِهِ من الْحَقِيقَة على مَا أُرِيد بهَا (كَذَلِك) أَي فَهُوَ مَمْنُوع أَيْضا (للْقطع بمساواة رَأَيْت أسدا ورجلا هُوَ والأسد سَوَاء) فِي الأَسدِية، وَقَالَ الشَّارِح الشجَاعَة وَحِينَئِذٍ يرد منع الْمُسَاوَاة بِفَوَات ادِّعَاء كَونه أسدا فَتَأمل (نعم هُوَ) أَي الْمجَاز (كَذَلِك) أَي يُفِيد التَّأْكِيد (فِي) رَأَيْت أسدا بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَأَيْت (رجلا كالأسد) فَإِن فِي ادِّعَاء الأَسدِية تَأْكِيدًا لإِثْبَات الشجَاعَة (وَكَونه) أَي الْمجَاز، بل التَّعْبِير عَن المُرَاد بطرِيق التَّجَوُّز (كدعوى الشَّيْء بَيِّنَة) أَي متلبسا بَيِّنَة فِي كَون كل مِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>