للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَقِيقَة للشتاء بل قربه (وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) " لن يَجْزِي ولد وَالِده إِلَّا أَن يجد مَمْلُوكا " (فيشتريه فيعقته) رَوَاهُ مُسلم (لِأَن الْعتْق مَعْلُول معلوله) أَي الشِّرَاء إِذْ الشِّرَاء عِلّة للْملك، وَالْملك عِلّة لِلْعِتْقِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله أَي فيشتريه (فَيعتق بِسَبَب شِرَائِهِ) إِنَّمَا فسره بِهِ لِئَلَّا يحمل على ظَاهره: وَهُوَ أَنه بعد مَا يَشْتَرِيهِ يعتقهُ قصدا مثل مَا يعْتق غير الْقَرِيب فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يكون الْعتْق إِلَّا بِسَبَب الْإِعْتَاق لَا الشِّرَاء، وَقد علم بذلك أَن هَذَا الْمَعْلُول بالواسطة مُغَاير بِالذَّاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعلَّة (فَلَيْسَ) هَذَا الْمِثَال (من) قبيل (اتِّحَاد الْعلَّة والمعلول فِي الْوُجُود) كَمَا زعم الْبَعْض من أَن الشِّرَاء وَالْعِتْق شَيْء وَاحِد فِي الْخَارِج وَإِن تغايرا بِحَسب الْمَفْهُوم (وَلَا) من (نَحْو: سقَاهُ فأرواه) كَمَا ذكره صدر الشَّرِيعَة: إِذْ الإرواء يَتَرَتَّب على السَّقْي بِلَا وَاسِطَة، وَالْعِتْق إِنَّمَا يَتَرَتَّب على الشِّرَاء بِوَاسِطَة الْملك (فَلذَلِك) أَي لكَون الْفَاء لترتيب مَا بعْدهَا على مَا قبلهَا (تضمن الْقبُول) للْبيع (قَوْله فَهُوَ حر) حَال كَونه (جَوَاب) من قَالَ (بعتكه بِأَلف) لِأَن تَرْتِيب الْحُرِّيَّة على هَذَا القَوْل لَا يتَصَوَّر إِلَّا بِقبُول البيع الْمُوجب للْملك الْمُصَحح للإعتاق فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: قبلت فَهُوَ حر (لَا هُوَ حر) أَي لَا يتَضَمَّن هُوَ حر الْقبُول بعد قَوْله بعتكه بِأَلف لعدم مَا يدل على مَا قبله (بل هُوَ رد للْإِيجَاب) وَهُوَ قَوْله بعتكه الخ وَمَعْنَاهُ كَيفَ تبيعه وَهُوَ حر (و) كَذَلِك (ضمن الْخياط) الثَّوْب إِذا (قَالَ لَهُ) مَالِكه (أيكفيني قَمِيصًا قَالَ) الْخياط (نعم قَالَ) مَالِكه (فاقطعه فَقَطعه فَلم يكفه) لِأَن الْفَاء دلّت على أَن الْأَمر بِالْقطعِ مُرَتّب على الْكِفَايَة مَشْرُوط بهَا لَا فِي اقطعه فَلم يكفه) أَي لَا يضمن الْخياط فِيمَا إِذا قَالَ صَاحب الثَّوْب اقطعه بدل فاقطعه والمسئلة بِحَالِهَا لعدم مَا يدل على كَون الْأَمر بِالْقطعِ مَشْرُوطًا بالكفاية (وَتدْخل) الْفَاء (الْعِلَل) حَال كَونهَا (خلاف الأَصْل) لعدم ترَتّب الْعلَّة على الْمَعْلُول وَتحقّق الْعَكْس دُخُولا (كثيرا لدوامها) أَي لكَون الْعِلَل مَوْجُودَة بعد وجود الْمَعْلُول مُدَّة مديدة (فَتَأَخر) الْعلَّة عَن الْمَعْلُول (فِي الْبَقَاء) فَبِهَذَا الِاعْتِبَار تدخل الْفَاء عَلَيْهَا (أَو بِاعْتِبَار أَنَّهَا) أَي الْعلَّة (معلولة فِي الْخَارِج) أَي فِي خَارج الذِّهْن (للمعلول) وَهَذَا إِذا كَانَ مَدْخُول الْفَاء عِلّة غائية لما قبلهَا، فَإِنَّهُ بِحَسب الْوُجُود الذهْنِي مقدم على الْمَعْلُول فَإِن تعقل الرِّبْح مقدم على تحقق التِّجَارَة فِي الْخَارِج وَتحقّق الرِّبْح مُؤخر عَن تحقق التِّجَارَة فِي الْخَارِج (وَمن الأول لَا الثَّانِي أبشر فقد أَتَاك الْغَوْث) قَالَ الشَّارِح أَي من دُخُولهَا على الْعلَّة الْمُتَأَخِّرَة فِي الْبَقَاء، لَا من دُخُولهَا على الْمَعْلُول فِي الْخَارِج، فَإِن الْغَوْث بَاقٍ بعد الإبشار كَذَا قَالُوا، وَفِيه تَأمل انْتهى. إِنَّمَا جعل هَذَا الْمِثَال مِمَّا دخلت على الْعلَّة نظرا إِلَى الظَّاهِر، إِذْ إتْيَان الْغَوْث عِلّة للبشارة لَا الْعَكْس. وَقد يُقَال أَن قَوْله أبشر عِلّة للإخبار بمضمون قد أَتَاك الْغَوْث، لِأَنَّهُ يدل إِجْمَالا على مُوجب السرُور، وَبِه يحصل قلق واضطراب لَا ينْدَفع

<<  <  ج: ص:  >  >>