للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُتَعَلّق بِهِ كالتعلق (لَا ترتبا) إِذْ لَا يَتَرَتَّب الطَّلَاق على الْمُقَارنَة كترتبه على الشَّرْط كَمَا زعم الْبَعْض غير أَنه لَا يَقع بِدُونِهَا (فَعَنْهُ) أَي عَن كَونه كالتعليق توقفا لَا ترتبا (لَا تطلق أَجْنَبِيَّة قَالَ لَهَا أَنْت طَالِق فِي نكاحك) ثمَّ تزَوجهَا كَمَا لَو قَالَ مَعَ نكاحك: أَي إِيجَاب الطَّلَاق الْمُقَارن للنِّكَاح لَغْو بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنْت طَالِق إِن تَزَوَّجتك: إِذْ حِينَئِذٍ يكون الطَّلَاق مُرَتبا على النِّكَاح، وَهَكَذَا شَأْن الطَّلَاق يكون بعد النِّكَاح لَا مَعَه، وَحذف الْمُضَاف والتجوز خلاف الظَّاهِر، وَلذَا لم يصدق فِيهِ قَضَاء، وَيصدق ديانَة لاحْتِمَال اللَّفْظ، ثمَّ إِن ظرفية الدَّار وَالشَّمْس للدخول على سَبِيل التَّجَوُّز بتنزيل الْمَعْنى منزلَة الْجِسْم المتمكن، وَمثل هَذَا التَّجَوُّز شَائِع (وَتعلق طَالِق فِي مَشِيئَة الله) أَي تعلق الطَّلَاق فِي أَنْت طَالِق فِي مَشِيئَة الله كَانَ شَاءَ الله: إِذْ الْمَشِيئَة بِاعْتِبَار تعلقهَا بِالطَّلَاق لَيست من الْأَشْيَاء الثَّابِتَة لِئَلَّا يصلح لكَونهَا فِي معنى التَّعْلِيق كَالدَّارِ وَالشَّمْس (فَلم يَقع) الطَّلَاق (لِأَنَّهُ) أَي وُقُوعه فِي مَشِيئَة الله غيب لَا سَبِيل إِلَى الِاطِّلَاع عَلَيْهِ (لاختصاصها) أَي لاخْتِصَاص الْعلم بِالْمَشِيئَةِ بِاللَّه لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ، وَالْأَصْل عدم الْوُقُوع (وتنجز) الطَّلَاق فِي أَنْت طَالِق (فِي علم الله لشُمُوله) أَي شُمُول علمه جَمِيع المعلومات لِأَنَّهُ بِكُل شَيْء عليم (فَلَا خطر) فِي التَّعْلِيق بِهِ لما مر من أَن الْخطر إِنَّمَا يكون فِي أَمر يحْتَمل الْوُجُود وَالْعلم (بل) التَّعْلِيق بِهِ (تَعْلِيق بكائن) لَا محَالة لِأَنَّهُ لَا يَصح نَفْيه عَنهُ تَعَالَى بِحَال فَكَانَ تَعْلِيقا بموجود فَكَانَ تنجيزا فَإِن قلت: علم الله على نَوْعَيْنِ على وزان الْعلم التصوري، وَهُوَ مُتَعَلق بِكُل شَيْء مُحِيط بِهِ حَتَّى الْمُمْتَنع، وَعلم على وزان الْعلم التصديقي وَهُوَ لَا يتَعَلَّق إِلَّا بِمَا هُوَ وَاقع فِي نفس الْأَمر، فَإِن أَرَادَ بقوله فِي علم الله النَّوْع الأول فَالْأَمْر كَمَا ذكرت، وَإِن أَرَادَ النَّوْع الثَّانِي فَلَا نسلم أَن التَّعْلِيق بِهِ تَعْلِيق بكائن لجَوَاز عدم تحقق الْعلم الْمُتَعَلّق بِوُقُوع الطَّلَاق: أَلا ترى إِلَى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " اللَّهُمَّ إِن كنت تعلم أَن هَذَا الْأَمر خير لي " وإدخاله حرف الشَّك على الْعلم الْمُتَعَلّق بالخيرية قلت لما أطلق وَلم يُقَيِّدهُ بِمَا يخصصه بِهَذَا النَّوْع من التَّعْلِيق يحمل على مُطلق الْعلم الْمُتَعَلّق بِكُل شَيْء لِأَنَّهُ الْمُتَبَادر مِنْهُ، ثمَّ أَشَارَ إِلَى بعض التَّعْلِيل الْمَذْكُور بقوله (وَأورد) على هَذَا الدَّلِيل بِأَنَّهُ يلْزم مثل مَا قُلْتُمْ فِي الْقُدْرَة (فَيجب الْوُقُوع) أَي وُقُوع الطَّلَاق فِي: أَنْت طَالِق (فِي قدرَة الله للشمول) أَي لشمُول الْقُدْرَة لكل شَيْء كل كَالْعلمِ فالتعليق بِهِ تَعْلِيق بكائن لَا محَالة (أُجِيب) بِبَيَان الْفرق بَين الْعلم وَالْقُدْرَة (بِكَثْرَة إِرَادَة التَّقْدِير) من قدرَة الله، وَهُوَ تعلق الْإِرَادَة بِوُقُوع شَيْء فَهُوَ غير مَعْلُوم الْوُقُوع (فكالمشيئة) أَي فَهِيَ كالمشيئة فِي أَنه لَا يعلم كينونته (وَدفع) هَذَا الْجَواب بِأَنَّهَا (تسْتَعْمل بِمَعْنى الْمَقْدُور) الشَّامِل كل مُمكن (بِكَثْرَة أَيْضا) وَفِيه أَنَّهَا حِينَئِذٍ تكون مُحْتملا للأمرين فَلَا يتَعَيَّن التَّعْلِيق بكائن وَالْحَاصِل أَن قَوْله أُجِيب إِلَى آخِره منع جَرَيَان الدَّلِيل فِي مَادَّة النَّقْض

<<  <  ج: ص:  >  >>