للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَن كَونهمَا فِي النَّهَار دَاخل فِي مَفْهُومه لَا قيد لَهُ (وَالزَّكَاة) كَمَا هُوَ قَول الشَّيْخ أبي بكر الرَّازِيّ، وَالْوَجْه الْمُخْتَار أَن الْأَمر بِالصرْفِ إِلَى الْفَقِير مَعَه قرينَة الْفَوْر، وَهِي أَنه لدفع حَاجته، وَهِي مُعجلَة، فَلَزِمَ بِالتَّأْخِيرِ من غير ضَرُورَة إِثْم. نعم بِالنّظرِ إِلَى دَلِيل الافتراض لَا تجب الْفَوْرِيَّة كَمَا صرّح بِهِ الْحَاكِم الشَّهِيد والكرخي: وَذكر الْفَقِيه أَبُو جَعْفَر عَن أبي حنيفَة أَنه يكره التَّأْخِير من غير عذر، فَيحمل على كَرَاهَة التَّحْرِيم، وعنهما مَا يُفِيد ذَلِك، وَبِه قَالَت الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة (وَالْعشر وَالْخَرَاج، وأدرج الْحَنَفِيَّة صَدَقَة الْفطر) فِي هَذَا الْقسم (نظرا إِلَى أَن وُجُوبهَا طهرة للصَّائِم) عَن اللَّغْو والرفث فَلَا يتَقَيَّد بِوَقْت (وَالظَّاهِر تقييدها بيومه) أَي يَوْم الْفطر (من) قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " (أغنوهم الخ) أَي عَن المسئلة فِي هَذَا الْيَوْم ". قَالَ المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة: روى الْحَاكِم فِي عُلُوم الحَدِيث عَن ابْن عمر قَالَ أمرنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نخرج صَدَقَة الْفطر قبل الصَّلَاة وَيَقُول: أغنوهم عَن الطّواف فِي هَذَا الْيَوْم (فبعده) أَي فإخراجها فِيمَا بعد يَوْم الْفطر (قَضَاء ووجوبه) أَي الْوَاجِب الْمُطلق (على التَّرَاخِي: أَي جَوَاز التَّأْخِير) عَن الْوَقْت الَّذِي وَجب فِيهِ إِنَّمَا فسر بقوله ووجوبه بِهِ على التَّرَاخِي لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن التَّرَاخِي وَاجِب فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهر اللَّفْظ: فَالْمَعْنى وُجُوبه كَائِن على وَجه يجوز فِيهِ التَّرَاخِي (مَا لم يغلب على ظَنّه فَوَاته) إِن لم يَفْعَله فقد وسع لَهُ فِي مدّة عمْرَة بِشَرْط أَن لَا يخليها مِنْهُ (عِنْد جَمَاهِير الْفرق) من الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة والمتكلمين (خلافًا للكرخي وَبَعض الشَّافِعِيَّة) والمالكية والحنابلة على مَا ذكره الشَّارِح فَإِنَّهُم قَالُوا بِوُجُوبِهِ فَوْرًا (ومبناه) أَي هَذَا الْخلاف (أَن الْأَمر) الْمُطلق (للفور أَو لَا) وَقد سبق الْكَلَام فِيهِ مفصلا (و) وَاجِب (مُقَيّد بِهِ) أَي بِوَقْت مَحْدُود (يفوت) الْوَاجِب (بِهِ) أَي بِفَوَات ذَلِك الْوَقْت (وَهُوَ) أَي الْوَاجِب الْمُقَيد بِهِ (بالاستقراء) أَقسَام (أَرْبَعَة: الأوّل أَن يفضل الْوَقْت عَن الْأَدَاء، وَيُسمى) ذَلِك الْوَقْت (عِنْد الْحَنَفِيَّة ظرفا اصْطِلَاحا) يَعْنِي أَن تَخْصِيصه بِهِ مجرّد اصْطِلَاح مِنْهُم: إِذْ هُوَ فِي اللُّغَة مَا يحلّ بِهِ الشَّيْء، وَهَذَا الْمَعْنى مُتَحَقق فِي كل وَقت سَوَاء فضل عَن الْأَدَاء أَو لَا. وَقد يُقَال لما كَانَ غَالب الظروف المحسوسة أعظم مِقْدَارًا من المظروف شبه هَذَا الظّرْف بهَا فَسُمي باسمها (وموسعا عِنْد الشَّافِعِيَّة، وَبِه) أَي الموسع (سَمَّاهُ فِي الْكَشْف الصَّغِير) أَي كشف الْأَسْرَار: شرح الْمنَار لمؤلفه كَذَا فسره الشَّارِح، وَقَالَ لم أَقف عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وقفت عَلَيْهِ فِي الْكَشْف الْكَبِير من كَلَام الْغَزالِيّ انْتهى. وَعدم وُقُوفه لَا يسْتَلْزم عَدمه فِيهِ، مَعَ أَنه يحْتَمل أَن يكون اسْم كتاب آخر (كوقت الصَّلَاة) الْمَكْتُوبَة فَإِنَّهُ (سَبَب مَحْض عَلامَة) دَالَّة (على الْوُجُوب) أَي وُجُوبهَا فِيهِ (وَالنعَم) المتتابعة على الْعَاد (فِيهِ) أَي الْوَقْت هما (الْعلَّة) المثيرة للْوُجُوب فِيهِ (بِالْحَقِيقَةِ) لِأَنَّهَا صَالِحَة للعلية، بِخِلَاف

<<  <  ج: ص:  >  >>