للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَاقِلا. ومرجعه قيام صفة الْكَلَام النفسى وَهُوَ صفة وَاحِدَة بالشخص متكثرة بالاعتبارات، وَمن جملَة اعتباراته الطّلب النَّفْسِيّ (فالتعلق) للطلب بِفعل الْمَعْدُوم فِي الْأَزَل (بِهَذَا الْمَعْنى) الَّذِي حَاصله انْتِفَاء أَنه إِذا وجد وكلف فَلْيفْعَل كَذَا (هُوَ الْمُعْتَبر فِي التَّكْلِيف الأزلي وَلَيْسَ) تَكْلِيف الْمَعْدُوم بِهَذَا الْمَعْنى (مُمْتَنع) وَذهب إِلَيْهِ الأشاعرة (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بامتناع تَكْلِيف الْمَعْدُوم (يلْزم) من تَكْلِيف الْمَعْدُوم (أَمر وَنهي وَخبر) إِذْ الْمُكَلف بِهِ إِمَّا فعل وَترك أَو اعْتِقَاد بمضمون خبري (بِلَا مَأْمُور) ومنهي تَركه اكْتِفَاء بِمَا يُقَابله وَأَرَادَ بِهِ الْمَطْلُوب مِنْهُ فعل أَو ترك (و) بِلَا (مخبر وَهُوَ) أَي اللَّازِم (مُمْتَنع) فَيمْتَنع الْمَلْزُوم (قُلْنَا) يلْزم مَا قُلْتُمْ (فِي) الْخطاب (اللَّفْظِيّ ذِي التَّعَلُّق التنجيزي وَالْخطاب الشفاهي فِي الْخَبَر، أما) الطّلب (النَّفْسِيّ فتعلقه بذلك الْمَعْنى) الْمَذْكُور الْمَعْدُوم (وَاقع تَجدهُ فِي طلب) ك فِي نَفسك (صَلَاح ولد) ترجو أَنه (سيوجد أَو) تَقول (إِن وجد) أبغي صَلَاحه (وتجد معنى الْخَبَر فِي نَفسك مترددا للاعتبار وَغَيره) أَي تَجِد الْمَضْمُون الخبري يتَرَدَّد مرّة بعد أُخْرَى ويتكرر لمصْلحَة الِاعْتِبَار والاتعاظ وَغَيره من الْمصَالح، فَعلم أَن حُصُول الْمَضْمُون النَّفْسِيّ لَا يسْتَلْزم وجود مخبر وَوُقُوع أَخْبَار و (أما حَقِيقَة الأمرية) والنهيية (والخبرية الممتنعة بِلَا مُخَاطب مَوْجُود فبعروض التَّعَلُّق التنجيزي للنفسي) أَي الْخطاب النَّفْسِيّ أَشَارَ إِلَى أَن التَّعَلُّق الأزلي لَيْسَ بتنجيزي، وَفِي الشَّرْح العضدي اخْتصَّ أَصْحَابنَا بِأَن الْأَمر يتَعَلَّق بالمعدوم حَتَّى صَرَّحُوا بِأَن الْمَعْدُوم مُكَلّف وَقد شدد سَائِر الطوائف النكير عَلَيْهِ قَالُوا: إِذا امْتنع فِي النَّائِم والغافل فَفِي الْمَعْدُوم أَجْدَر، وَإِنَّمَا يرد ذَلِك لَو أُرِيد بِهِ تَنْجِيز الْمُكَلف فِي حَال الْعَدَم بِأَن يطْلب مِنْهُ الْفِعْل فِي حَال الْفِعْل بِأَن يكون الْفَهم أَو الْفِعْل فِي حَال الْعَدَم وَلم يرد ذَلِك، بل أُرِيد التَّعَلُّق الْعقلِيّ: وَهُوَ أَن الْمَعْدُوم الَّذِي علم الله أَنه يُوجد بشرائط التَّكْلِيف توجه إِلَيْهِ حكم فِي الْأَزَل بِمَا يفهمهُ ويفعله فِيمَا لَا يزَال انْتهى. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: بل المُرَاد التَّعَلُّق الْمَعْنَوِيّ للطلب الْقَدِيم الْقَائِم بِذَات الله جلّ وَعلا بِالْفِعْلِ من الْمَعْدُوم حَال وجود الْمَأْمُور وتهيئه للفهم، فَإِذا وجد وتهيأ للتكليف صَار مُكَلّفا بذلك الطّلب الْقَدِيم من غير تجدّد طلب انْتهى، وَإِنَّمَا دعاهم إِلَى اعْتِبَار هَذَا التَّعَلُّق فِي الْأَزَل إِذْ الْأَمر أزلي والتعلق بِالْغَيْر جُزْء من حَقِيقَته، وَفِي هَذَا التَّعَلُّق يكفى وجود الْمَعْدُوم فِي علم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أزلا، وَقيل الْكَلَام الَّذِي هُوَ مُشْتَرك بَين الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر قديم وَكَونه أمرا أَو نهيا أَو خَبرا حَادث جمعا بَين المصلحتين: قدم الْكَلَام وحدوث الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر، ورد بِأَنَّهَا أَنْوَاع الْكَلَام وَلَا وجود للْجِنْس بِدُونِ نوع والمعتزلة قَالُوا: لَو كَانَ الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر قَدِيما لزم تعدد كَلَام الله تَعَالَى فِي الْأَزَل ضَرُورَة كَونهَا أنواعا لَهُ، وَالْجُمْهُور على أَن كَلَامه تَعَالَى وَاحِد فِي الْأَزَل لَا تعدد فِيهِ وَإِن تنَاول جَمِيع مَعَاني الْكتب

<<  <  ج: ص:  >  >>