للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنت خَبِير بِأَن مَا ينساق إِلَيْهِ الذِّهْن من السِّيَاق أَن وَجه اللُّزُوم مَا لزم من اشْتِرَاط الْعلم بالوجود انْتِفَاء الْعلم بالتكليف، لِأَنَّهُ يلْزم حِينَئِذٍ عدم علمه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بتكليفه بِالذبْحِ لغيب وجود الشَّرْط عَنهُ مَعَ أَنه لَا يحْتَمل أَن يكون علمه بإعلام الله تَعَالَى إِيَّاه، كَيفَ وَقد علم سُبْحَانَهُ انْتِفَاء شَرط وجود الذّبْح من خرّ الرَّقَبَة وَغَيره، غير انه سَيَأْتِي فِي آخر الْكَلَام مَا يُؤَيّد الشَّارِح (وَالْإِجْمَاع على الْقطع) للمكلف (بتحقق الْوُجُوب وَالتَّحْرِيم) اللَّذين هما قسما التَّكْلِيف (قبل الْمعْصِيَة) بالمخالفة (و) قبل (التَّمَكُّن) من الْفِعْل، أَقَامَ إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور ثَلَاثَة أَدِلَّة: لُزُوم انْتِفَاء الْمعْصِيَة، وَلُزُوم انْتِفَاء الْعلم بالتكليف، وَلُزُوم إقدامه عَلَيْهِ السَّلَام، ثمَّ أَفَادَ بطلَان الثَّالِث للأوّلين بِالْإِجْمَاع الْمَذْكُور، لِأَن علم الْمُكَلف قطعا بالتكليف قبل الْمعْصِيَة يسْتَلْزم تحققها، وَذكر التَّمَكُّن لِأَن الْقطع بالتكليف بعد التَّمَكُّن من الْفِعْل يصلح عذرا عَن الْمعْصِيَة بمخالفة الْأَمر (فَانْتفى) بِهَذَا الْإِجْمَاع (مَا يخال) أَي مَا اعْترض بِهِ على الثَّالِث بِأَنا لَا نسلم لُزُوم عدم إقدام الْخَلِيل وَغَيره بِسَبَب انْتِفَاء علمه بِشَرْط التَّكْلِيف، وَهُوَ عدم النّسخ لتجويزه وُقُوعه قبل الْوَقْت لِأَنَّهُ يحْتَمل (أَن الْإِقْدَام مِنْهُ) عَلَيْهِ السَّلَام على ذبح الْوَلَد (وَمن غَيره) عَلَيْهِ السَّلَام من الْمُكَلّفين على الْإِتْيَان بِالْوَاجِبِ (لظن التَّكْلِيف بِظَنّ عدم النَّاسِخ) بِنَاء على أَن الأَصْل عَدمه (وَهُوَ) أَي ظن التَّكْلِيف (كَاف فِي لُزُوم الْعَمَل كوجوب الشُّرُوع) فِي الْفَرْض (بنية الْفَرْض) إِجْمَاعًا وَهَذَا دَلِيل على أَن تَجْوِيز النّسخ احْتِمَال لَا عِبْرَة بِهِ، وَيرد عَلَيْهِ أَنه لَا كَلَام فِي عدم اعْتِبَاره غير أَنه يلْزم على تَقْدِير اشْتِرَاط الْعلم بِوُجُود الشَّرْط الْعلم فَتدبر وَلَا يخفى عَلَيْك أَنه يصلح مِثَالا لما يدل قطعا على الْإِجْمَاع على الْقطع بتحقق الْوُجُوب قبل الْمعْصِيَة والتمكن لِأَن نِيَّة الْفَرْض قبل الشُّرُوع فِيهِ وَهِي لَا تتأتى بِدُونِ الْعلم بِالْوُجُوب والتكليف، وَيرد عَلَيْهِ أَيْضا أَن ظن الْمُكَلف بالتكليف إِنَّمَا ينفع إِذا لم يكن فِي مُقَابلَة الدَّلِيل الْقطعِي، وَتَحْرِيم الذّبْح، وَلَا سِيمَا ذبح الْوَلَد ثَابت بالقطعي، وَإِنَّمَا قَالَ انْتَفَى الخ لِأَنَّهُ علم أَن الْقطع بتحقق التَّكْلِيف ثَابت بِالْإِجْمَاع فَلَا عِبْرَة بِاحْتِمَال النّسخ فَلَا وَجه لجعل إقدام الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام مَبْنِيا على الظَّن مَعَ كَون إقدام غَيره مَبْنِيا على الْقطع (قَالُوا) أَي المخالفون (لَو لم يشْتَرط) فِي صِحَة التَّكْلِيف بِالْفِعْلِ عدم الْعلم بِانْتِفَاء شَرطه فِي وقته بِأَن يَصح التَّكْلِيف مَعَ الْعلم بِانْتِفَاء الشَّرْط (لم يشْتَرط إِمْكَان الْفِعْل لِأَن مَا عدم شَرطه غير مُمكن، وَمر فِي تَكْلِيف الْمحَال نَفْيه) أَي نفي التَّكْلِيف بِغَيْر الْمُمكن (وَالْجَوَاب النَّقْض) الاجمالى (بتكليف من لم يعلم الانتفاء) اى بالتكليف بِالْفِعْلِ الذى لم يعلم الْآمِر انْتِفَاء شَرط وجوده كالسيد يَأْمر غُلَامه بِفعل مَشْرُوط بِشَرْط وَهُوَ لَا يعلم انتفاءه

<<  <  ج: ص:  >  >>