للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الرَّضَاع بِلَا تَوْقِيت، ثمَّ وقتت عَائِشَة الْخمس وأخبرت أَنه مِمَّا نزل من الْقُرْآن فَهُوَ وَإِن لم يكن قُرْآنًا يقْرَأ فَأَقل حالاته أَن يكون عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن الْقُرْآن لَا يَأْتِي بِهِ غَيره، فَهَذَا عين قَوْلنَا وَعَلِيهِ جُمْهُور أَصْحَابنَا كَمَا نَقله الأسنوي وَغَيره حَتَّى احْتَجُّوا بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود - فَاقْطَعُوا أيمانهما - على قطع الْيُمْنَى (ومنشأ الْغَلَط) فِي أَن مذْهبه عدم حجيته كَمَا نسبه إِلَيْهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَتَبعهُ النَّوَوِيّ (عدم إِيجَابه) أَي الشَّافِعِي (التَّتَابُع) فِي صَوْم الْكَفَّارَة (مَعَ قِرَاءَة ابْن مَسْعُود) فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات. نقل الشَّارِح عَن المُصَنّف أَنه قَالَ: وَهَذَا عَجِيب لجَوَاز كَون ذَلِك لعدم ثُبُوته عِنْده أَو لقِيَام معَارض انْتهى، وعَلى هَذَا مَشى السُّبْكِيّ فَقَالَ: لَعَلَّه لمعارضة ذَلِك مَا قالته عَائِشَة نزلت - فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام مُتَتَابِعَات - فَسَقَطت مُتَتَابِعَات أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ إِسْنَاد صَحِيح.

[مسئلة]

(لَا يشْتَمل) الْقُرْآن (على مَا لَا معنى لَهُ خلافًا لمن لَا يعْتد بِهِ من الحشوية) قيل بِإِسْكَان الشين، لِأَن مِنْهُم المجسمة، والجسم محشو، وَالْمَشْهُور فتحهَا، لأَنهم كَانُوا يَجْلِسُونَ أَيَّام الْحسن الْبَصْرِيّ فِي حلقته فَوجدَ كَلَامهم رديئاً فَقَالَ: ردوا هَؤُلَاءِ إِلَى حَشا الْحلقَة: أَي جَانبهَا (تمسكوا بالحروف الْمُقطعَة) فِيهِ أَي الْقُرْآن فِي أَوَائِل السُّور (وَنَحْو إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ) إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَاحِد (ونفخة وَاحِدَة قُلْنَا التَّأْكِيد كثير وإبداء فَائِدَته قريب) فِي الْكَشَّاف الِاسْم الْحَامِل لِمَعْنى الْإِفْرَاد والتثنية دَال على شَيْئَيْنِ: الجنسية وَالْعدَد الْمَخْصُوص، فَإِذا أريدت الدّلَالَة على أَن الْمَعْنى بِهِ مِنْهُمَا وَالَّذِي سَاق لَهُ الحَدِيث هُوَ الْعدَد شفع بِمَا يؤكده، فَدلَّ بِهِ على الْقَصْد إِلَيْهِ والعناية بِهِ، أَلا ترى أَنَّك لَو قلت إِنَّمَا هُوَ إِلَه وَلم تؤكده بِوَاحِد لم يحسن، وخيل أَنَّك تثبت الإلهية انْتهى، ثمَّ فَائِدَة التَّأْكِيد تَحْقِيق مَفْهُوم الْمُؤَكّد بِحَيْثُ لَا يظنّ بِهِ غَيره، وَدفع توهم التَّجَوُّز والسهو وَعدم الشُّمُول إِلَى غير ذَلِك (وَأما الْحُرُوف) الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور (فَمن الْمُتَشَابه وأسلفنا فِيهِ) أَي الْمُتَشَابه (خلافًا) فِي (أَن مَعْنَاهُ يعلم أَولا) وَظهر ثمَّة أَنه عِنْد الْجُمْهُور لَا يعلم فِي الدُّنْيَا وَأَنه الْأَوْجه (فاللازم) للمتشابه عِنْدهم (عدم الْعلم بِهِ) أَي بِمَعْنَاهُ (لَا عَدمه) أَي الْمَعْنى (وَقيل مُرَادهم) أَي الحشوية بقَوْلهمْ يشْتَمل على مَالا معنى لَهُ (لَا يُوقف على مَعْنَاهُ) كَمَا هُوَ ظَاهر صَنِيع عبد الْجَبَّار وَأبي الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ من جَوَاز اشْتِمَال الْقُرْآن على مَالا يفهم المكلفون مَعْنَاهُ (فكقول النَّافِي) أَي فَقَوْل الحشوية حِينَئِذٍ كَقَوْلِنَا فِي إِدْرَاك الْمَعْنى (فِي الْمُتَشَابه فَلَا خلاف) بَين الْجُمْهُور وَبينهمْ، وَقَالَ ابْن برهَان: يجوز أَن يشْتَمل على مَالا يفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>