للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لانْتِفَاء الْمُمَاثلَة الَّتِي هِيَ الِاتِّحَاد فِي النَّوْع، وَقد عرفت فَائِدَة التَّقْيِيد بِمَا لَا يسْتَقلّ من قَوْله فِي التَّعَارُض: والرجحان تَابع مَعَ التَّمَاثُل (و) لَهُم بِنَاء (على مثل مَا قبله) أَي من قبل هَذَا التَّعْرِيف، يَعْنِي إِظْهَار الزِّيَادَة إِلَى آخِره، وَهُوَ تَعْرِيف الشَّافِعِيَّة (فضل الخ) أَي لأحد المتماثلين على الآخر وَصفا، وَهُوَ قَول فَخر الْإِسْلَام وَغَيره كَمَا أَن اصْطِلَاح الشَّافِعِيَّة وضع لفظ التَّرْجِيح بِإِزَاءِ مَا هُوَ مُنَاسِب بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ كَذَلِك اصْطِلَاح بعض الْحَنَفِيَّة وضع لَهُ بِإِزَاءِ مَا هُوَ سَبَب بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ (وَأفَاد) تَعْرِيف الْحَنَفِيَّة (نفي التَّرْجِيح بِمَا يصلح دَلِيلا) فِي نَفسه مَعَ قطع النّظر عَن الدَّلِيل الْمُوَافق لَهُ فَلَا يرجح دَلِيل مُسْتَقل وَافقه دَلِيل مُسْتَقل آخر على دَلِيل مُنْفَرد لَيْسَ لَهُ ذَلِك: وَهَكَذَا فِي الْقيَاس (فَبَطل) التَّرْجِيح لأحد الْحكمَيْنِ المتعارضين (بِكَثْرَة الْأَدِلَّة) على الآخر (عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة لاستقلال كل من تِلْكَ الْأَدِلَّة فِي إِثْبَات الْمَطْلُوب فَلَا يَنْضَم إِلَى الآخر وَلَا يتحد بِهِ ليُفِيد تقويته، لِأَن الشَّيْء إِنَّمَا يتقوى بِصفة تُؤْخَذ فِي ذَاته لَا بانضمام مثله إِلَيْهِ (وترجيح مَا) أَي نَص (يُوَافق الْقيَاس على مَا) أَي نَص (يُخَالِفهُ) أَي الْقيَاس (لَيْسَ بِهِ) أَي بالترجيح لِكَثْرَة الْأَدِلَّة (عِنْد قابله) أَي من يقبل التَّرْجِيح بِكَثْرَة الْأَدِلَّة (لِأَنَّهُ) أَي الْقيَاس الْمُوَافق للنَّص (غير مُعْتَبر هُنَاكَ) لِأَنَّهُ لَا يعْتَبر فِي مُقَابلَة النَّص فَلَا يصلح دَلِيلا فِي نَفسه هُنَاكَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَلَيْسَ) الْقيَاس ثمَّة (دَلِيلا والاستقلال (فَرعه) أَي كَونه دَلِيلا، بل هُوَ بِمَنْزِلَة الْوَصْف لذَلِك النَّص (وَصَحَّ عِنْدهم) أَي الْحَنَفِيَّة (نَفْيه) أَي نفي تَرْجِيح مَا يُوَافق الْقيَاس على مَا يُخَالِفهُ. وَفِي الْكَشْف وَغَيره أَن الْأَصَح (لِأَنَّهُ) أَي الْقيَاس (دَلِيل فِي نَفسه مُسْتَقل) وَلذَا يثبت الحكم بِهِ عِنْد عدم النَّص وَالْإِجْمَاع و (لَكِن عدم شَرط اعْتِبَاره) هُنَا لما ذكرنَا (وَالْقِيَاس على مثله) أَي وترجح الْقيَاس على قِيَاس مثله معَارض لَهُ (بِكَثْرَة الْأُصُول) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانهَا فِي محلهَا (لَيْسَ مِنْهُ) أَي من التَّرْجِيح بِكَثْرَة الْأَدِلَّة (لِأَنَّهَا) أَي الْأُصُول (لَا توجب حكم الْفَرْع) بل الْمُوجب لَهُ الْفَرْع الْمَوْجُود فِيهَا المثير للْحكم فَيحدث فِيهِ قُوَّة مرجحة (وَهُوَ) أَي وجوب حكم الْفَرْع هُوَ (الْمَطْلُوب) من الْقيَاس (فَيعْتَبر فِيهِ) أَي فِي حكم الْفَرْع (التَّعَارُض) بَين القياسين، ثمَّ يرجح الْقيَاس الَّذِي هُوَ أصُول يُؤْخَذ فِيهَا جنس الْوَصْف أَو نَوعه على مَا لَيْسَ كَذَلِك (فَهُوَ) أَي التَّرْجِيح بِكَثْرَة الْأُصُول ترجح (بِقُوَّة الْأَثر) وَهُوَ من الطّرق المصححة فِي تَرْجِيح الأقيسة كَمَا سَيَأْتِي. ثمَّ شرع فِي بَيَان مَا بِهِ التَّرْجِيح، فَقَالَ (فَفِي الْمَتْن) أَي مَا تضمنه الْكتاب وَالسّنة من الْأَمر وَالنَّهْي وَالْعَام وَالْخَاص وَنَحْوهَا يكون التَّرْجِيح (بِقُوَّة الدّلَالَة كالمحكم فِي عرف الْحَنَفِيَّة على الْمُفَسّر، وَهُوَ) أَي الْمُفَسّر عِنْدهم يرجح (على النَّص) فِي عرفهم (وَهُوَ) أَي النَّص فِي عرفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>