للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَالْجَوَاب) أَن الصَّحَابَة (أَجمعُوا على مَشْرُوطَة) عَامَّة (أَي) كل مَا لَا قَاطع فِيهِ جَائِز الِاجْتِهَاد (مَا دَامَ لَا قَاطع فِيهِ) فجواز الِاجْتِهَاد فِي غير زمَان وجود الْقَاطِع فِيهِ وَعدم جَوَازه فِي زَمَانه فَلَا تنَاقض، وَعند انْعِقَاد الْإِجْمَاع على أحد طرفِي مَا لم يكن فِيهِ قَاطع يتَحَقَّق فِيهِ قَاطع (قَالُوا) أَي الظَّاهِرِيَّة ثَانِيًا (لَو اعْتبر) إِجْمَاع غير الصَّحَابَة (اعْتبر مَعَ مُخَالفَة بعض الصَّحَابَة فِيمَا إِذا سبق خلاف) مُسْتَقر، لِأَن مُخَالفَة بَعضهم لَا تمنع إِجْمَاع غَيرهم (الْجَواب إِنَّمَا يلْزم) بطلَان هَذَا (من شَرط عدم سبق الْخلاف المتقرر وَلَو من وَاحِد) فِي انْعِقَاد الِاجْتِمَاع الْقطعِي (لَا) يلْزم (من لم يشرط) عدم سبق الْخلاف (أَو جعل الْوَاحِد) أَي خِلَافه مَعْطُوف على شَرط (مَانِعا) من انْعِقَاد الْإِجْمَاع بِمن سواهُ، فَإِن من لم يَجْعَل خلاف الْوَاحِد الْمَوْجُود فِي زمَان الْإِجْمَاع صحابيا كَانَ أَو غَيره مَانِعا عَن انْعِقَاده كَيفَ يَجْعَل خِلَافه وَهُوَ مَعْدُوم فِي زَمَانه مَانِعا عَنهُ (وَيعْتَبر التَّابِعِيّ الْمُجْتَهد فيهم) أَي فِي زمَان الصَّحَابَة مُوَافقَة عِنْد انْعِقَاد الِاجْتِمَاع فَلَا ينْعَقد مَعَ مُخَالفَته كَمَا هُوَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة وَرِوَايَة عَن أَحْمد وَقَول أَكثر الْمُتَكَلِّمين وَهُوَ الصَّحِيح (وَأما من بلغ) من التَّابِعين (دَرَجَته) أَي الِاجْتِهَاد (بعد الِانْعِقَاد اجماعهم فاعتباره وَعَدَمه) أَي عدم اعْتِبَاره فيهم مَبْنِيّ (على اشْتِرَاط انْقِرَاض الْعَصْر) فِي حجية الْإِجْمَاع (وَعَدَمه) أَي عدم اشْتِرَاطه، فَمن اشْترط اعْتَبرهُ، وَمن لم يشْتَرط لم يعتبره. قَالَ الشَّارِح إِلَّا أَن هَذَا إِنَّمَا يتم على رَأْي من يَقُول فَائِدَة الِاشْتِرَاط جَوَاز رُجُوع بعض المجمعين، وَدخُول مُجْتَهد يحدث قبل انقراضهم، أما من قَالَ فَائِدَته جَوَاز الرُّجُوع لَا غير يَنْبَغِي أَن لَا يعتبره أَيْضا انْتهى. وَكَأن المُصَنّف لم يلْتَفت إِلَى هَذَا التَّفْصِيل، لِأَنَّهُ إِذا شَرط الانقراض فِي الِانْعِقَاد، فَقبل الِانْعِقَاد إِذا دخل بَينهم مُجْتَهد آخر لَا وَجه لعدم اعْتِبَاره فَتَأمل (وَقيل) وقائله أَحْمد فِي رِوَايَة وَبَعض الْمُتَكَلِّمين (لَا يعْتَبر) التَّابِعِيّ فِي إِجْمَاع الصَّحَابَة (مُطلقًا) أَي سَوَاء كَانَ مُجْتَهدا قبل انْعِقَاد إِجْمَاعهم أَو بعده (لنا) على اعْتِبَار التَّابِعِيّ الْمُجْتَهد فيهم (لَيْسُوا) أَي الصَّحَابَة (كل الْأمة دونه) أَي التَّابِعِيّ، لِأَنَّهُ مثلهم فِي الِاجْتِهَاد غير أَنه لَا رِوَايَة لَهُ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَلِكَ لَا يُوجب كَون الْحق مَعَهم دونه، والعصمة إِنَّمَا هِيَ للْكُلّ (وَاسْتدلَّ لهَذَا) الْمُخْتَار (بِأَن الصَّحَابَة سوغوا لَهُم) أَي للتابعين الِاجْتِهَاد (مَعَ وجودهم) فقد مَلأ شُرَيْح الْكُوفَة وَعلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا يُنكر عَلَيْهِ، وَابْن الْمسيب بِالْمَدِينَةِ فَتَاوَى وَهِي مشحونة بأصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَذَا عَطاء بِمَكَّة وَجَابِر بن زيد بِالْبَصْرَةِ، وَلَوْلَا اعْتِبَار قَوْلهم لما سوغوا لَهُم (قُلْنَا إِنَّمَا يتم) الِاسْتِدْلَال بِهَذَا على اعْتِبَار قَوْلهم بِحَيْثُ لَا ينْعَقد إِجْمَاعهم مَعَ مخالفتهم أَو بِدُونِ موافقتهم (لَو نقل تسويغ خلافهم)

<<  <  ج: ص:  >  >>