للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حكم (لَا يجمعُونَ إِلَّا عَن) مُسْتَند (رَاجِح) فَيَكْفِي بإجماعهم (منع قَضَائهَا) أَي الْعَادة (بِهِ) أَي بإجماعهم عَن رَاجِح دون سَائِر عُلَمَاء الْأَمْصَار، إِذْ لَا دَلِيل يُفِيد الْفرق بَينهمَا بِحَيْثُ يكون إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة وحدهم مُفِيد للْقطع، وَإِجْمَاع بلد آخر لَا يكون مُفِيدا لَهُ. فِي الشَّرْح العضدي: فَإِن قيل لَا نسلم الْعَادة فِي اتِّفَاق مثلهم عَن رَاجِح لأَنهم بعض الْأمة فَيجوز أَن يكون متمسك غَيرهم أرجح، فَرب رَاجِح لم يطلع عَلَيْهِ الْبَعْض قُلْنَا لَا نقُول الْعَادة قاضية باطلاع الْكل، فيراد ذَلِك، بل اطلَاع الْأَكْثَر، وَالْأَكْثَر كَاف فِي تتميم دليلنا بِأَن يُقَال إِذا وَجب اطلَاع الْأَكْثَر امْتنع أَن لَا يطلع عَلَيْهِ من أهل الْمَدِينَة أحد، وَيكون ذَلِك الْأَكْثَر غَيرهم مَا فِيهَا أحد مِنْهُم والاحتمالات الْبَعِيدَة لَا تَنْفِي الظُّهُور انْتهى. وَإِلَى هَذِه الْجُمْلَة أَشَارَ بقوله. (وَدفع) الْمَنْع (بِأَن المُرَاد) من أَن الْعَادة قاضية إِلَى آخِره أَنَّهَا (قاضية باطلاع الْأَكْثَر) زعم الشَّارِح أَن مَعْنَاهُ قاضية فِي انْعِقَاد الْإِجْمَاع أَنه لَا ينْعَقد على حكم إِلَّا باطلاع الْأَكْثَر من الْمُجْتَهدين على دَلِيله انْتهى، فَلَزِمَ من كَلَامه أَن اطلَاع الْأَكْثَر على دَلِيل الحكم إِنَّمَا هُوَ على تَقْدِير انْعِقَاد الْإِجْمَاع فَيُقَال لَهُ مرادك إِمَّا إِجْمَاع الْأمة أَو إِجْمَاع مثل هَذَا الْجمع المنحصر، وَالْأول خُرُوج عَن الْبَحْث، لِأَن الْمَفْرُوض إِجْمَاع أهل الْمَدِينَة لَا إِجْمَاع الْأمة، أَو اجماع مثل هَذَا الْجمع المنحصر حَتَّى يلْزم إطلاع الْأَكْثَر وَيتَفَرَّع عَلَيْهِ (فَامْتنعَ أَن لَا يطلع عَلَيْهِ من أهل الْمَدِينَة أحد بِأَن لَا يكون فِي الْأَكْثَر أحد مِنْهُم) إِذْ امْتنَاع عدم اطلَاع أحد من أَهلهَا لِامْتِنَاع أَن لَا يكون أحد مِنْهُم من جمَاعَة الْأَكْثَر على تَقْدِير اطلَاع الْأَكْثَر، واطلاع الْأَكْثَر على تَقْدِير إِجْمَاع الْأمة وَهُوَ غير مَعْلُوم، وَالثَّانِي وَهُوَ لُزُوم اطلَاع الْأَكْثَر عِنْد إِجْمَاع مثل هَذَا الْجمع لَا وَجه لَهُ: إِذْ لَا مُلَازمَة عَادَة بَين اتِّفَاق مثل هَذَا الْجمع وَبَين اطلَاع أَكثر الْأمة على دَلِيل الحكم، فَالْحق أَن الْمَعْنى أَن كل حكم لَا بُد لَهُ من دَلِيل رَاجِح فِي نفس الْأَمر، وَقد جرت الْعَادة أَن أَكثر الْمُجْتَهدين فِي الْمَدِينَة احْتِمَال فِي غَايَة الْبعد، وعَلى تَقْدِير وجود وَاحِد مِنْهُم فِيهَا وَهُوَ عَالم بالراجح مخبر بِهِ سَائِر أَهلهَا، لِأَن الْمَفْرُوض اجتهادهم وتشاورهم وتناظرهم كَمَا عرفت وَالله تَعَالَى أعلم (وَالِاحْتِمَال) الْبعيد (لَا يَنْفِي الظُّهُور، وَهَذَا) الْجَواب (انحطاط) لإِجْمَاع أهل الْمَدِينَة عَن كَونه حجَّة قَطْعِيَّة (إِلَى كَونه حجَّة ظنية، لَا) أَنه يَجْعَلهَا (إِجْمَاعًا) قَطْعِيا. وَنقل السُّبْكِيّ عَن أَكثر المغاربة أَنه لَيْسَ بقطعي بل ظَنِّي يقدم على خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس، وَعَن الْقُرْطُبِيّ أَن تَقْدِيم الْخَبَر أولى (فَإِن قيل يلْزم مثله) من انْعِقَاد الْإِجْمَاع بِمثل هَذَا الْجمع إِلَى آخِره (فِي أهل) بَلْدَة (أُخْرَى) كمكة والكوفة (لذَلِك) أَي انْعِقَادهَا: أَي لقَضَاء الْعَادة باطلاع الْأَكْثَر الخ (الْتزم) مُوجبه (وَصَارَ الْحَاصِل أَن اتِّفَاق مثلهم حجَّة يحْتَج بِهِ عِنْد عدم الْمعَارض من خلاف مثلهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>