للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكرخي والصيرفي وَبَعض الْمُعْتَزلَة كَأبي هَاشم (إِجْمَاع ظَنِّي أَو حجَّة ظنية) وَقيل إِن كَانَ الساكتون أقل كَانَ إِجْمَاعًا وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مُخْتَار الْجَصَّاص، وَقيل إِن وَقع فِي شَيْء مفوت استدراكه من اراقة دم واستباحة فرج فإجماع وَإِلَّا فحجة، وَذهب الرَّوْيَانِيّ إِلَى هَذَا التَّفْصِيل فِيمَا إِذا كَانَ فِي عصر الصَّحَابَة وَألْحق الْمَاوَرْدِيّ التَّابِعين بالصحابة فِي ذَلِك، وَذكر النَّوَوِيّ أَنه الصَّحِيح. قَالَ (الْحَنَفِيَّة لَو شَرط سَماع قَول كل) من المجمعين (انْتَفَى) الْإِجْمَاع (لتعذره) أَي سَماع قَول كل (عَادَة) قَالَ السَّرخسِيّ: إِذْ لَيْسَ فِي وسع عُلَمَاء الْعَصْر السماع من الَّذين كَانُوا قبلهم بقرون فَهُوَ سَاقِط عِنْدهم، لِأَن المتعذر كالممتنع، وَكَذَا يتَعَذَّر السماع عَن جَمِيع عُلَمَاء الْعَصْر وَالْوُقُوف على قَول كل فريق مِنْهُم فِي حكم حَادِثَة حَقِيقَة لما فِيهِ من الْحَرج الْبَين، لَكِن الْإِجْمَاع غير مُنْتَفٍ فَالشَّرْط الْمَذْكُور مُنْتَفٍ انْتهى.

وَأَنت خَبِير بِأَن الْفرق بَين السماع من الَّذين قبلهم بقرون وَبَين السماع من جَمِيع عُلَمَاء الْعَصْر فِي غَايَة الوضوح فَكيف يُقَاس هَذَا عَلَيْهِ، الأول كالمحال، وَالثَّانِي فِيهِ بعض حرج، وَالْفرق بَين السكوتي والقولي حِينَئِذٍ بالتتبع لكيفية وُقُوعه. (وَأَيْضًا الْعَادة فِي كل عصر إِفْتَاء الأكابر وسكوت الأصاغر تَسْلِيمًا، وللإجماع على أَنه) أَي السكوتي (إِجْمَاع فِي الْأُمُور الاعتقادية فَكَذَا) الْأَحْكَام (الفرعية) بل يثبت هَهُنَا بطرِيق أولى. قَالَ (النافون) لحجيته (مُطلقًا) أَي قطعا وظنا (السُّكُوت يحْتَمل غير الْمُوَافقَة من خوف أَو تفكر أَو عدم اجْتِهَاد أَو تَعْظِيم) للقائل فَلَا يكون إِجْمَاعًا وَلَا حجَّة مَعَ قيام هَذِه الِاحْتِمَالَات. (أجَاب الظني) أَي الْقَائِل بِأَنَّهُ إِجْمَاع ظَنِّي (بِأَنَّهُ) أَي السُّكُوت (ظَاهر فِي الْمُوَافقَة) للمفتي وَالْقَاضِي (وَفِي غَيرهَا) أَي وَالسُّكُوت فِي غير الْمُوَافقَة مِمَّا ذكر (احتمالات) غير ظَاهِرَة وَهِي (لَا تَنْفِي الظُّهُور. و) أجَاب (الْحَنَفِيَّة) بِأَنَّهُ (انْتَفَى الأول) وَهُوَ السُّكُوت للخوف (بِالْعرضِ) حَيْثُ قُلْنَا وَلَا تقية (و) انْتَفَى (مَا بعده) وَهُوَ السُّكُوت للتفكر (بِمُضِيِّ مُدَّة التَّأَمُّل فِيهِ عَادَة، و) السُّكُوت (للتعظيم بِلَا تقية فسق) لترك الْوَاجِب الَّذِي هُوَ الرَّد لِأَن الْفَتْوَى أَو الْقَضَاء إِذا كَانَ غير حق يكون مُنْكرا وَاجِب الرَّد فَلَا ينْسب إِلَى المتدين، وَلَا سِيمَا أَئِمَّة الدّين. (وَمَا) روى (عَن ابْن عَبَّاس فِي سُكُوته عَن عمر فِي القَوْل) من قَوْله (كَانَ مهيبا نفوا) أَي الْحَنَفِيَّة كفخر الْإِسْلَام وَالْقَاضِي أبي زيد (صِحَّته) عَنهُ نقلا (وَلِأَنَّهُ) أَي عمر رَضِي الله عَنهُ (كَانَ يقدمهُ) أَي ابْن عَبَّاس (على كثير من الأكابر) ويسأله عَن مسَائِل (ويستحسن قَوْله) فَعَنْهُ كَانَ عمر يدخلني مَعَ أَشْيَاخ بدر فَكَانَ بَعضهم وجد فِي نَفسه فَقَالَ: لم يدْخل هَذَا مَعنا وَلنَا أَبنَاء مثله؟ فَقَالَ عمر: أَنه من حَيْثُ علمْتُم فَدَعَا ذَات يَوْم فَأَدْخلنِي مَعَهم فَمَا رَأَيْت أَنه دَعَاني يَوْمئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ، قَالَ مَا تَقولُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>