للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصْلٌ

١٥٧ - إذا اشترى من إنسانٍ دارًا، وهي في يد ثالث، فادعاها لنفسه، ولم يقم البائع بينةً بها، ففسخ القاضي العقد، وردَّ الثمن على المشتري، ثم ملك المشتري الدار بهبةٍ أو ميراثٍ، أو صدقةٍ أو غيره، لم يلزمه تسليمها إلى بائعها.

ولو أقرَّ له بملك الدار صريحًا واشتراها منه، ثم فسخ البيع لتأخر التسليم، ثم ملكها المشتري، لزمه تسليمها إلى بائعها (١).

والفرق: أن دخوله مع البائع يتضمن الإقرار له بملكها معنى لا تصريحًا، وللقاضي ولاية في فسخ العقود، فلما فسخ البيع انفسخ الإقرار الَّذي كان في ضمنه، وصار ذلك بمنزلة ما لو باع مريضٌ عبدًا لا يملك غيره، قيمته ألفٌ بمائةٍ، فيكون المريض محابيًا (٢) للمشتري بتسعمائةٍ، وموصيًا له بها، فيقال للمشتري: زد في الثمن بمقدار ثلثي المحاباة، وإلا فسخ العقد، فإن لم يزد وفسخ العقد، فإنه ينفسخ ما في ضمنه من المحاباة والوصية، ولا يكون للمشتري شيء لهذا المعنى، كذا ما نحن فيه.

بخلاف ما إذا أقرَّ المشتري صريحًا: بأن الدار ملك البائع؛ لأنه أفرد إقراره، وليس للقاضي ولاية إبطال الإقرارات، ثم هو بدخوله معه العقد مقرٌ ضمنًا، فإذا انفسخ العقد انفسخ ما في ضمنه، وثبت إقراره الصريح لا معارض له، كما لو أفرد الوصية عن المحاباة في المسألة المتقدمة، فإنه لو انفسخت المحاباة لم تنفسخ الوصية، فكذا هنا، فتفارقا (٣).


(١) انظر المسألتين في: المستوعب، ٣/ ق، ١٥٤/ ب.
(٢) المحاباة: بضم الميم، من حابى يحابي محاباة وحباء، وحاباه، أي: نصره ومال إليه، واختصه بشيء دون غيره، وذلك مثل: أن يبيعه السلعة بدون ثمن المثل، أو يشتريها منه بأكثر من ثمنها قصدًا.
انظر: المطلع، ص، ٢٥٧، معجم لغة الفقهاء، ص، ٤٠٧.
(٣) انظر الفرق في: فروق السامري، ق، ٣٨/ ب.
وانظر الفصل في: فروق الكرابيسي، ٢/ ٩٠.

<<  <   >  >>