للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حين وعدهم بالإخبار غدًا لم يكن يعلم مشروعية الاستثناء لينويه، بل تركه من غير نيةٍ، فلما أمر به الله قال: إن شاء الله، فدل على أن الاستثناء مع عدم النية يصح، ولولا ذلك لما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إن شاء الله.

ثم اشتراط السامري: النية مقارنة للنطق بالهمزة إلى حين الفراغ من قاف طالق لا دليل عليه، وإنما الذي ذكره متأخروا أصحابنا كأبي البركات (١)، وابن حمدان (٢)، وغيرهما: وجود النية قبل الفراغ من المستثنى منه (٣)، أما من حين ابتداء النطق فلا (٤).

وأما المتقدمون وبعض المتأخرين كالشيخ أبي محمد، فإنهم لم يشترطوا وجود النية، بل اشترطوا الاتصال المعتاد بين المستثنى والمستثنى منه (٥).


(١) في المحرر، ٢/ ٦٠.
(٢) انظر: الرعاية الكبرى مع شرحه الغاية القصوى، ٣/ ق، ١٩٢/ ب.
وابن حمدان هو: أبو عبد الله أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان النميري، الحراني، الحنبلي، كان علامةً، فقيهًا، أصوليًا، أديبًا، صنف: "نهاية المبتدئين" في أصول الدين، و"الوافي" في أصول الفقه، و"الرعاية الصغرى"، و"الرعاية الكبرى"، وهما في الفقه، و"صفة الفتوى والمفتي والمستفتي" وغيرها.
ولد بحران سنة ٦٠٣ هـ، وتوفي بالقاهرة سنة ٦٩٥ هـ، رحمه الله.
انظر: ذيل طبقات الحنابلة، ٢/ ٣٣١، المقصد الأرشد، ١/ ٩٩، شذرات الذهب، ٥/ ٤٢٨.
(٣) وهو الصحيح في المذهب، كما تقدم بيانه أول هذا الفصل.
(٤) وقد ذهب إلى القول بهذا أبو عبد الله بن تيمية في كتابه الترغيب.
انظر: القواعد والفوائد الأصولية، ص ٢٥٢، الإنصاف، ٩/ ٣٥، ١١/ ٢٧.
(٥) انظر: المغني، ٧/ ١٦٤، ٨/ ٧١٥ - ٧١٧.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاختيارات الفقهية، ص ٤٥٧: وللعلماء في الاستثناء النافع قولان:
أحدهما: لا ينفعه حتى ينويه قبل فراغه من المستثنى منه.
وهو قول الشافعي والقاضي أبي يعلى ومن تبعه.
الثاني: ينفعه وإن لم يرده إلا بعد الفراغ ... وهذا هو مذهب أحمد الذي يدل عليه كلامه، وعليه متقدموا أصحابه، واختيار أبي محمد وغيره، وهو مذهب مالك وهو الصواب.

<<  <   >  >>