للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أحمد بن سعيد الرازي: ما رأيت أسود الرأس، أحفظ لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أعلم بفقهه ومعانيه من أبي عبد الله أحمد بن حنبل (١).

وكان رحمه الله إماما في الفقه.

قال عبد الرزاق الصنعاني: ما رأيت أفقه منه ولا أورع (٢).

وقال الشافعي: خرجت من بغداد وما خلفت بها أحدًا أتقى ولا أورع ولا أفقه -أظنه قال-: ولا أعلم من أحمد بن حنبل (٣).

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: انتهى العلم إلى أربعة: إلى أحمد بن حنبل، وهو أفقههم فيه. وإلى ابن أبي شيبة، وهو أحفظهم له، وإلى علي بن المديني، وهو أعلمهم به، وإلى يحيى بن معين، وهو أكتبهم له (٤).

وقال أبو زرعة: ما أعلم في أصحابنا أسود الرأس أفقه من أحمد بن حنبل (٥).

وقد جمع رحمه الله بين الحديث والفقه، وبلغ فيهما منزلة فاق بها أقرانه. وقد استطاع أن يسخر الفقه -لما حازه من ذخيرة فائقة- في الحديث، فظهرت فتاواه وكأنها آثار بحتة لهيمنتها على ديباجة فقهه، فاصطبغت بصبغتها، واندمجت في ثناياها.

ولعل من الأسباب التي ساعدت على تكوين هذا النمط الفريد من الفقه شيوع تدوين الحديث والأثر في بلدان المسلمين، حتى قلّ أن يوجد أهل للرواية إلا ولديه تدوين أو صحيفة أو نسخة، وذلك أنه كم من حديث صحيح لا يرويه -قبل التدوين- إلا أهل بلد خاصة، كأفراد الشاميين


(١) ابن حنبل لأبي زهرة ٨٨.
(٢) مناقب الإمام أحمد ٩٦.
(٣) المرجع السابق ١٤٥.
(٤) المرجع السابق ١٥١.
(٥) المرجع السابق ١٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>