للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قيل: الذريعة الفعل الذي ظاهره مباح، وهو وسيلة إلى فعل محرم (١).

والحيل: جمع حيلة وهي هنا: ما يكون من الطرق الخفية موصلًا إلى استحلال المحرم بحيث لا يفطن له إلا بنوع ذكاء.

والمراد بإبطالها: إلغاؤها وعدم الاعتداد بها.

وتنقسم الذرائع باعتبار إفضائها إلى المفسدة إلى ثلاثة أقسام:

١ - ذريعة تفضي إلى المفسدة قطعًا، وقد أجمع العلماء على سدها، وذلك كحفر بئر خلف باب الدار في طريق مظلم بحيث يقع فيه كل من يدخل أو يخرج من الدار.

٢ - ذريعة تفضي إلى المفسدة غالبًا، كبيوع الآجال التي تتخذ ذريعة إلى الربا وقد اعتبرها مالك وأحمدُ، فحرَّما هذه الأنواع من البيوع، ولم يعتبرها أبو حنيفة والشافعيُّ فقالا: بالجواز في بيوع الآجال.

٣ - ذريعة تفضي إلى المفسدة نادرًا، وإفضاؤها إلى المصلحة أرجح، وذلك كزراعة العنب؛ لأنّ اتخاذ الخمر منه نادر واتخاذه للأكل أكثر، وهذا القسم لا اعتبار للذريعة فيه بلا خلاف بين العلماء.

وقد شدّدَ شيخ الإِسلام في وجوب سد الذرائع وإبطال الحيل إلى المحرمات. واقتفاه تلميذه ابن القيم في إعلام الموقعين بما لا مزيد عليه (٢)، بل جعل رحمه الله سد الذرائع أحد أرباع الدين. قال: وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف فإنه أمر ونهي، والأمر نوعان:

أحدهما: مقصود لنفسه.

والثاني: وسيلة إلى المقصود.

والنهي نوعان:

أحدهما: ما يكون المنهي عنه مفسدة في نفسه.


(١) الفتاوى الكبرى ٣/ ٢٥٦.
(٢) الفتاوى الكبرى ٣/ ٢٥٦، وإعلام الموقعين ٣/ ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>