للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما شرطنا رضا صاحب الدين بالحوالة، خلافًا لدواد في قوله أنه يلزمه قبول الحوالة شاء أم أبى (١)؛ لأن صاحب الدين رضي بذمة غريمه دون غيرها فلا يلزمه الانتقال إلى ذمة لم يرض بها مع بقاء الذمة الأولى، ولأنه حق تعلق بذمته فلم يجبر على نقله إلى شيء آخر كما لا يجبر على نقله إلى شيء آخر (٢).

وإنما شرطنا أن يكون للمحيل على المحال عليه دين لأنه إن لم يكن له عليه دين كانت حمالة لا حوالة لأن حقيقة الحوالة: بيع الدين الذي على المحال بالدين الذي للمحيل، وتحول الحق من ذمة (٣) إلى ذمة وذلك يقتضى أن يكون هناك دين تحصل الحوالة به.

وإنما قلنا إن ذمة المحيل تبرأ إذا رضي صاحب الدين بالحوالة، خلافًا لأبي حنيفة في قوله إن له الرجوع إن مات المحال عليه مفلسا أو جحد الحق (٤)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع" (٥) فأطلق، ولأنها حوالة برأت ذمة المحيل بها فلم يكن له الرجوع على المحيل بها أصله إذا لم تتغير حاله، ولأن عقد الحوالة إذا انبرم منع رجوع المحال على المحيل أصله ما ذكرناه، ولأن الحوالة بمنزلة الأبراء، والقبض لأن المطالبة بالدين تسقط معها والاعتبار حادث بعد القبض فلا رجوع للمحال به.

وإنما قلنا إذا غره كان له الرجوع، خلافًا للشافعي في قوله لا رجوع له (٦)، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع" (٧) وهذا غير مليء، ولأن


(١) انظر: المحلى ٨/ ٥٢٠، بداية المجتهد - مع الهداية في تخريج أحاديث الهداية: ٨/ ١١٤.
(٢) في م: كما على يجبر على بقاء إلى شيء آخر.
(٣) في ق: ذمته.
(٤) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٠٣ - ١٠٤، مختصر القدوري - مع شرح الميداني: ٢/ ١٦١.
(٥) سبق تخريج الحديث قريبًا.
(٦) انظر: الأم ٣/ ٢٢٩، مختصر المزني ص ١٠٧، الإقناع ص ١٠٧.
(٧) سبق تخريج الحديث قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>