للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب [- في التزكية]]

القدر الذي يلزم في التزكية: أن يشهد الشاهد لمن يزكيانه أنه عدل رضي ولا يكفي أحد الوصفين عن الآخر ولا يكفي من ذلك أن يقول لا أعلم له زلة ولا جريمة (١) ولا أعلم إلا خيرًا وإني لأرضى به لي وعلي (٢)، وإنما قلنا لا بد من وصفه بالعدالة والرضا لأن الله تعالى شرطهما في قبول الشهادة وقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٣) وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٤) ومعنى العدالة (٥): هو الاستواء والاستقامة ولذلك تنتفي الشهادة مع التهمة والغفلة وغيرهما لأن أحوال الشاهد غير مستقيمة معهما.

وإنما قلنا إنه لا يجزى من ذلك أن يقول لا أعلم إلا خيرًا أو لا أعلم له زلة لأن ذلك شهادة بنفي (٦) فلا يستفاد بها شيء، ولأن التزكية في العدالة إثبات عدالة الشاهد والأخبار عما لا يعلمه الحاكم منه، فإذا قال لا أعلم له زلة ولا أعلم إلا خيرًا كان بمنزلة الحاكم لأن الحاكم أيضًا لا يعلم له زلة، وقد يعلم منه الخير والتدين ولكن لا يعلم هل هو ممن يصلح للشهادة أم لا، وأما قوله إني رضي به لي وعلي فليس بتزكية أيضًا لأنه قد يرضى بغير العدل وبالمغفل (٧)


(١) في م: خزية.
(٢) انظر المدونة: ٤/ ١٠٤، ١٠٥، التفريع: ٢/ ٢٣٩، الرسالة: ٢٤٦، الكافي: ٤٦٥.
(٣) سورة الطلاق، الآية: ٢.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢.
(٥) في م: العدل.
(٦) في ق: تتقي.
(٧) م: وبالمتغفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>